لم تكن الفتاة الفلسطينية روند العائدي تحاول سوى اللحاق بأسرتها في ألمانيا، ولَمِّ شمل العائلة التي تفرَّق بها السبل، وتشرذمت إثر الصراع والقتال في سوريا حيث كانت تقيم مع أسرتها. لم تكن تريد الفتاة المسكينة أكثر من دفء حضن والدها ووالدتها وشقيقاتها الأربع إلا أن ذلك لم يتحقق لها؛ فسبقتهم إلى دار البقاء بعد أن قتلتها قوارب الموت، وقبلها قتلتها القوانين الألمانية الصماء.
قصة "روند" لا تختلف كثيرًا عن قصص لاجئي الحرب السورية؛ فكلها مآسٍ وحكايات حزينة؛ فالفتاة التي قضت نحبها في بحر إيجة قبالة السواحل اليونانية في حادثة غرق قارب هجرة غير نظامي الأسبوع الماضي، وراح ضحيته 17 شخصًا، لم تجد سوى الموت رحيمًا بها؛ فمن غربة إلى غربة، ومن شقاء إلى شقاء، من جحيم إلى آخر..
كانت صاحبة الـ23 ربيعًا في طريقها إلى ألمانيا للحاق بأسرتها في الغربة بعد أن استطاع والدها الهرب إلى ألمانيا من جحيم مخيم اليرموك، وجحيم الحرب الدائرة في سوريا، وعثر على ضالته في ألمانيا، وبعد أن استقر به الحال في بلد اللجوء خطر على باله استقدام أسرته للإقامة معه إلا أن القوانين الألمانية الجافة أبت أن تلحق به "روند" لبلوغها أكثر من 18 عامًا.
حاولت الشابة الفلسطينية مرارًا وتكرارًا اللحاق بأسرتها في ألمانيا بطريقة نظامية بعد أن حصل والدها على حق الإقامة والاستقرار إلا أنها تلقت الصدمة بعد أن رفضت السفارة الألمانية طلبها على عكس والدتها وشقيقاتها الأربع اللاتي يصغرنها، وذلك بعد أن أجبرها موظف السفارة على التوقيع على أوراق باللغة الألمانية لم تعرف محتواها، بحسب ما ذكر موقع "مركز العودة الفلسطيني".
قرار إعدام
وقع القرار على العائلة كان كارثيًّا، وترك الفتاة في حالة نفسية سيئة، ولاسيما بعد أن سخر موظف السفارة الألمانية من الفتاة قائلاً لها بتهكم إنها "لم توقِّع على قرار إعدامها"، وفقًا لما ينقله الموقع سالف الذكر عن والدها، إلا أنه بالفعل كان قرار إعدام!
وأمام تعنُّت المشرع الألماني في لَمِّ شمل أسرة تفرقت بها السبل، وخرجت من بلدها الأصلي فلسطين تحت وطأة الاحتلال الإسرائيلي؛ لتقيم في مخيم بسوريا، إلا أنها لم تجد للاستقرار سبيلاً بعد أن اشتعلت الحرب في سوريا؛ فهرعت إلى الأردن، ومنها اللجوء إلى ألمانيا.. وأمام هذا التعنت، وصعوبة لَمّ الشمل بالطرق الرسمية، قررت الفتاة ركوب أحد القوارب المتجهة إلى أوروبا إلا أنها لقيت حتفها بالغرق على متن قارب الموت.