شهدت إفريقيا، القارة التي تعاني ضعفًا في الاقتصاد والبيئة الأمنية المضطربة، إضافة إلى عدم احترام المواثيق الديمقراطية، ولجوء العديد من الحكام لتمديد فترات حكمهم، والصراعات العرقية والقبلية؛ شهدت 4 انقلابات عسكرية في 10 أشهر فقط لتولي الحكم، وقرابة الـ200 بعد استقلال بلدانها في ستينيات القرن الماضي؛ كان آخرها في بوركينا فاسو، وهو رقم 11 في تاريخ البلد الواقع في منطقة الساحل والصحراء الأكثر اضطرابًا غربي القارة السمراء.
وأعلن جيش بوركينا فاسو، الاثنين، أنه أطاح بالرئيس روك كابوري وعلق العمل بالدستور، وحل الحكومة والبرلمان وأغلق الحدود.
وجاء في الإعلان، الذي وقّعه اللفتنانت كولونيل بول هنري سانداوغو داميبا، وقرأه ضابط آخر في التلفزيون الحكومي، أن الاستيلاء على الحكم تم دون عنف. وفق "سكاي نيوز عربية".
وقائد الانقلاب، بول هنري سانداوغو داميبا، هو ضابط مشاة كبير في جيش بوركينا فاسو، تخرج في المدرسة العسكرية بباريس، وحصل على الماجستير في العلوم الجنائية بمعهد (CNAM)، وهو خبير في الدفاع الوطني والقيادة والعمليات الاستراتيجية.
وشهدت القارة الإفريقية منذ استقلال معظم دولها من احتلال دول أوروبية في ستينيات القرن الماضي، أكثر من 200 انقلاب عسكري.
وخلال أقل من عام، وفي الفترة من أبريل 2021 إلى يناير 2022 ضربت حمى الانقلابات القارة؛ خاصة جنوب الصحراء الكبرى، بأن شهدت 4 انقلابات، في بوركينا فاسو ومالي وغينيا وتشاد.
ففي سبتمبر 2021، أعلن ضباط من القوات الخاصة الغينية اعتقال الرئيس ألفا كوندي والسيطرة على العاصمة كوناكري، وحل مؤسسات الدولة؛ في انقلابٍ أنهى دور أحد مخضرمي السياسة الإفريقية.
وقاد الانقلاب الضابط ممادو دومبويا الذي ينحدر من إثنية المالينكي من منطقة كانكان، تم استدعاؤه عندما كان ضابطًا في الجيش الفرنسي 2018 إلى غينيا، ليقود "تجمع القوات الخاصة"، وهي وحدة النخبة في الجيش الغيني المدربة بشكل جيد، والحائزة على المعدات العسكرية الأكثر تطورًا.
وفي 25 مايو، أطاح الضابط الذي قاد الانقلاب في مالي أغسطس 2020 بالرئيس الانتقالي ورئيس الوزراء، وعيّن نفسه نائبًا للرئيس.
وقال العقيد أسيمي غويتا: إن الرئيس باه نداو ورئيس الوزراء مختار عوين فشلا في أداء مهامهما، وكانا يريدان تخريب عملية التحول في البلاد.
واعتُقل الرئيس الانتقالي ورئيس الوزراء، بعد تعديل وزاري أقيل فيه اثنان من القيادات العسكرية، وبعد أن استتبت الأمور عَيَّن غوينا نفسه رئيسًا للدولة، ورفض تنظيم الانتخابات في موعدها المقرر سلفًا؛ الأمر الذي أدى إلى فرض عقوبات على مالي من مجموعة "الإيكواس".
أما في تشاد فبعد مقتل الرئيس إدريس ديبي 20 أبريل 2021 خلال مواجهات مع مليشيات "جبهة الوفاق من أجل التغيير في تشاد" شمالي البلاد؛ لم يجر انتقال السلطة إلى رئيس البرلمان، حسب الدستور؛ بل قام نجله محمد إدريس ديبي بتولي السلطة وحل الحكومة وأوقف العمل بالدستور.
ويرى لوكا دينق، الأستاذ في مركز إفريقيا للدراسات الاستراتيجية في جامعة الدفاع القومي في واشنطن، أن القارة بحاجة إلى بناء مؤسسات راسخة تمنع تكرار الظاهرة، إضافة إلى ترسيخ مفاهيم الحكم الديمقراطي والمدني.
وأكد أن ظاهرة الانقلابات أقعدت القارة كثيرًا، وحرمت إنسانها من الاستفادة من الموارد الهائلة المتوافرة فيها.