في الوقت الذي يقدّم النظام الحاكم في قطر نفسه كحارس للإعلام الحر، تتوالى التقارير والشهادات عن انتهاكات داخل قطر، يتم التعتيم عليها من قبل الآلة الإعلامية للدوحة، التي تتهمها دول كثيرة، بمحاولة زعزعة أمنها بأخبار مشكوك في صحتها.
لا يوجد الآن في الدوحة سوى صوت واحد؛ حيث تقود أبواق الدعاية التابعة للنظام الساحة الإعلامية التي لا تقدّم صورة حقيقية للوضع الداخلي في قطر، وآخر الشهادات التي تحدثت عن الممارسات التي تتم داخل الماكينة الإعلامية لقطر، كانت على لسان رئيسة التحرير السابقة لموقع "الدوحة نيوز" القطري فيكتوريا سكوت، ونقلها موقع "إرم نيوز" الإماراتي.
أكبر حملة قمع
وقالت "سكوت"، في مقال لها نشرته على مدونتها الشخصية: "في مطلع هذا الأسبوع قال أمير قطر الشيخ تميم بن حمد آل ثاني لقناة "سي بي إس" الأمريكية، إن بلاده أرادت حرية التعبير لشعوب المنطقة، لكن في الوقت الذي يدّعي أمير قطر أنه يدافع عن حرية التعبير، ويرفض مطالب دول المقاطعة بإغلاق قناة الجزيرة، ويزعم أنه يقود الإعلام المستقل في العالم العربي ينفذ أكبر حملة قمع لحرية التعبير داخل بلاده.
ضغوط كبيرة
وكشفت حقيقة القمع القطري للحريات، مؤكدة أنها كانت حتى وقت قريب محررة في موقع "الدوحة نيوز"، وهو أحد أكثر المواقع الإخبارية شعبية في قطر، لكنها عانت ضغوطاً كبيرة أخيراً، موضحة أن هذا الموقع تأسس في عام 2009 على يد صحافيين أمريكيين على أمل أن يقدّم الحقيقة بمصداقية، وأن يكون صوتاً جديداً في قطر، بعيداً عن صحافة البيانات الرسمية التي تقدّمها الصحف المحلية.
وتابعت: "ظل الموقع محافظاً على هذه المبادئ حتى على الرغم من الضغوط الحكومية التي بلغت مداها حين قررت حكومة الدوحة إغلاقه وحظر الدخول إليه من دون سابق إنذار في ديسمبر الماضي، ومع هذا، واصل موقع "الدوحة نيوز" نشر تقاريره ذات المصداقية، التي تكشف حقيقة ما يجري في قطر، على الرغم من تشريد وتسريح العاملين فيه، ونقل إدارته خارج قطر".
ملاحقة من يدخل
وبيّنت: "لم يعد الموقع يدار من الدوحة الآن، وبالتالي فهو لم يعد يخضع للقيود الداخلية، فقررت الحكومة زيادة الضغوط عليه، وفرضت رقابة صارمة، كما لاحقت من يدخل الموقع، وانخفضت المشاهدات على الموقع بصورة كبيرة، كما تأثرت الإعلانات، ولم يعد بإمكان مؤسسيه الاستمرار في الإنفاق عليه".
إغلاق وزعم
وواصلت: "أملاً في الحفاظ على استمراريته، وتجنّب إغلاق الموقع تماماً، تم بيعه إلى مؤسسة "ستار ريبوتيشن كونسلتنج"، وهي شركة إعلام إلكتروني هندية زعمت أنها ستعمل على تقديم صحافة حرة وغير منحازة، وبدأت المؤسسة خطتها باستعادة فريق التحرير السابق، وتدشين مرحلة انتقالية جديدة.
مستقبل غامض
وقالت "سكوت": "لكننا قررنا المغادرة بعد أن كشفت الشركة عن رغبتها في فرض سياستها التحريرية على فريق العمل القديم"، ومنذ بيع الموقع، تم نشر عدد قليل من المقالات والتغريدات على "تويتر"، تقول إن المُلاك الجدد لا يريدون الاستعانة بصحافيين جدد، ويبدو مستقبل الموقع غامضاً.
أمر مزعج
واستطردت: "هذا الأمر مزعج جداً حالياً، ليس فقط للملاك الجدد، ولكن أيضاً لفريق العمل الذي عمل على قدم وساق في ظل مخاطر كبيرة داخل قطر؛ لتقديم صحافة حرة، ناهيك بوقع ذلك بالنسبة لسكان قطر الذين كانوا يبحثون عن صوت حر".
صوت واحد
وعن الوضع الإعلامي في قطر، قالت "سكوت": "لا يوجد الآن في الدوحة سوى صوت واحد، حيث تقود أبواق الدعاية التابعة للنظام الساحة الإعلامية التي لا تقدم صورة حقيقية للوضع الداخلي في قطر".
تهديد بالسجن
وأضافت: "أثناء عملنا اعتقدنا خطأ أن شعارات الحكومة القطرية حول حرية التعبير وما تقوله حول قناة "الجزيرة"، وأنها منبر للرأي الآخر سينطبق علينا ويمنحنا حرية في العمل، لكننا واجهنا ما لم نكن نتوقعه، فقد وضعوا قانوناً للجرائم الإلكترونية في عام ٢٠١١، تم استخدامه للتضييق علينا، بل وحاولوا إسكاتنا وإغلاق الموقع وهددونا بالسجن".
القانون السيئ
وواصلت: "بحسب هذا القانون السيئ أصبح من غير القانوني نشر أية أخبار عن المسؤولين الحكوميين أو العائلة الحاكمة أو التعرض للحياة الشخصية أو مخالفات أشخاص حتى لو كانت هذه المعلومات صحيحة".
مغادرة البلاد
وأوضحت: "استخدموا مصطلح تقاليد المجتمع والنظام العام ليكون سيفاً مسلطاً على رقاب الجميع، وهو ما هدد الكثير من الصحافيين بالسجن، وتعرّض مساعد رئيس تحرير الموقع بيتر كوفسي، للاعتقال والسجن في يوليو الماضي؛ بسبب تقرير نشره عن الاعتداءات على الأطفال، وعلى الرغم من عدم إدانته قانونياً، إلا أنه أجبر على مغادرة البلاد، والتوقيع على وثيقة بعدم كتابة أي شيء عن قطر".
التغطية السلبية!
وقالت: "كما تم التحقيق معي ومع صحافي آخر بتهمة التغطية السلبية عند نشر قصة تتعلق بإغلاق شركة وتشريد العاملين بها، وطردهم دون مستحقاتهم، وتعرضنا لمضايقات بسبب نفوذ صاحب الشركة، وحاولوا الضغط علينا بالكشف عن مصادر معلوماتنا".
بيانات ودعاية
واختتمت قائلة: "في النهاية، فإن الساحة الإعلامية في قطر تعاني أقصى درجات القمع والتقييد، بل إنه لا يوجد إعلام في قطر سوى صحافة البيانات الرسمية والدعاية للنظام الحاكم".