ارحموا الفقراء من تصوير موائدكم!

ارحموا الفقراء من تصوير موائدكم!

نحمد الله سبحانه أن أنعم علينا بنِعَم كثيرة في هذا الوطن؛ يحسدنا عليها القريب قبل البعيد، بل إنهم أصبحوا يكيلون لنا الشتائم، ويتعمدون الإساءة لنا، والتأثير في سمعة وطننا، رغم أنهم يكذبون، ويعلمون أنهم يكذبون، بل إنهم يسوقون كذبهم وافتراءهم عبر وسائل إعلام معادية، ويقوم بعضنا - مع الأسف - بمساعدتهم فيما يدَّعونه دون أن يعلم، ويدعم بعض أحاديثهم بأعمال وأقوال، تُحسب على سمعة الوطن.

لقد لفت انتباهي في هذا الشهر المبارك قيام بعضنا - أصلحهم الله – بتصوير وجبات الإفطار، والتفنن في الموائد التي تكفي للعشرات من المفطرين، بينما لا يجلس عليها إلا أربعة أو خمسة أشخاص، يأكلون منها النزر اليسير، بينما يذهب الباقي إلى صناديق الحاويات، ثم يقومون بنشر تلك الصور في وسائل الإعلام الإلكترونية، التي يشاهدها أعداد كبيرة من الناس، منهم مَن يُعجب بتلك المشاهد؛ فيعيد نشرها، بينما هناك مَن يتضور جوعًا، ولا يجد لقمة عيش يضعها في فمه.. فكم من طفل ينظر إلى رب أسرته نظرة أسى وحزن؛ لأن مائدة إفطارهم لا تحتوي إلا على بعض حبات من التمر والماء والخبز الناشف، بينما يشاهد تلك الأصناف مما لذ وطاب من المأكولات على موائد الآخرين!

كنا نشاهد هذه المظاهر قبل رمضان فنلتمس العذر لمن صوَّرها في وقت فرحه بإقامة مناسبة دعا إليها عددًا من الأقارب والأصدقاء، لكن في هذه الأيام من رمضان لا توجد مناسبات، بل هناك حظر لإقامة المناسبات والزيارات، مع المطالبة بالتباعد حتى داخل الأسرة الواحدة بسبب وباء كورونا، ومع هذا ما زلنا نشاهد الكثير من مظاهر البذخ التي قد يعاقَب أصحابها بدعوة من فقير، لا يجد ما يقدمه لأطفاله، وربما توافق تلك الدعوة ساعة استجابة؛ فتحل النقمة، وتتبدل تلك النعم، ويصبح أصحابها يتسولون؛ لأنهم لم يشكروا الله على نِعَمه عليهم، وقد يُبتَلون بعين حاسد؛ فيصابون بالأمراض التي لا شفاء منها، وعندها يندمون حين لا ينفع الندم.

وأخيرًا، إننا نطالب وسائل الإعلام المرئية بالتقليل ما أمكن من نشر الدعايات الخاصة بالموائد الرمضانية وغير الرمضانية، التي تشجع المتابعين لها على تقليدها والتفاخر بنشرها. وعلينا احترام مشاعر الفقراء، ومد يد العون لهم بما تجود به أنفسنا من مال وطعام وملبس.

أخبار قد تعجبك

No stories found.
صحيفة سبق الالكترونية
sabq.org