برمو لـ"سبق": المعارضة مفككة وتابعة لدول خارجية.. والسعودية أكثر داعمي الشعب السوري مصداقية

قطر دعمت الإرهابيين لتنفيذ أجندتها الخبيثة.. ومواجهتنا لإيران محسومة
برمو لـ"سبق": المعارضة مفككة وتابعة لدول خارجية.. والسعودية أكثر داعمي الشعب السوري مصداقية

- النظام سلطة أمر واقع لكنه ليس موجودًا بالمعني السياسي

- الإخوان المسلمون هيمنوا على قرار المعارضة بدعم الدوحة

- سوريا في قلب الشرق الأوسط وانهيارها يهدد المنطقة كلها

- لا تزال سوريا في حالة حرب ولا إمكانية لفرض نظام حكم

- الرياض قادرة بثقلها الدولي والإقليمي على لعب دور في الحل

- شخصيات المعارضة تفتقر للتجربة والخبرة في العمل السياسي

حاوره - محمد صبح: تمر الأزمة السورية حالياً بمنعطف حاد، ربما يكون الأكثر مفصلية في سنواتها الثلاث الأخيرة منذ التدخل الروسي والإيراني العسكري المباشر في الصراع، فبينما لا يزال الشعب السوري يعاني ويلات الحرب من قتل وتشريد ودمار، والمعارضة ممزقة تتعثر في فشلها الذريع، تزداد وتيرة تصارع الدول الكبرى والإقليمية على بسط نفوذها النهائي على سوريا، عقب هزيمة تنظيم "داعش" الإرهابي، وتمكين روسيا وإيران وميليشيا "حزب الله" اللبناني لنظام بشار الأسد من إزاحة فصائل المعارضة عن المناطق، التي حررتها منه إبان اندلاع الثورة السورية، ما ضاعف من تعقد مسارات الأزمة، وباعد بين فرص الحل الذي يتجاوب مع تطلعات الشعب السوري للعيش بحرية وكرامة في وطنه المثخن بالجراح، ولأن المعارضة رغم عجزها المزري طرف فيما يحدث، بادرت "سبق" إلى التعرف على ترتيباتها بالنسبة لما ستتمخض عنه التطورات الجارية، من خلال حوارها مع رئيس الجمعية الوطنية السورية المعارضة محمد برمو، الذي أقر بعدم وجود معارضة بالمعنى الحقيقي وإنما تكتلات وأذرع لقوى خارجية، لافتًا إلى أن المعارضة فشلت بعد تقصيرها في تحقيق تطلعات الشعب السوري، وأفاد المعارض السوري بأن المعارضة والنظام يقعان خارج دائرة التأثير على مجريات الأزمة الخاضعة للأجندات الدولية، مؤكدًا أن السعودية هي أكثر الدول التي تدعم الشعب السوري وحقوقه صدقاً ومصداقية، متهماً قطر بتطبيق أجندة خبيثة خربت سوريا عبر دعمها للتنظيمات الإرهابية والمتطرفة في الميدان والمعارضة، وشدد على أن مواجهة المعارضة لإيران ومشروعها التوسعي الطائفي باتت مسألة محسومة، متطرقاً إلى قضايا محورية أخرى في ثنايا الحوار التالي:

- في ضوء التطورات العسكرية الحالية، واقتراب النظام السوري بمساعدة روسيا وإيران وميليشياتها من حسم الصراع عسكريًا لصالحه، ما خطة المعارضة السورية للتعامل مع هذه التطورات؟

كلمة المعارضة هي كلمة فضفاضة وتحتاج إلى تفصيل طويل، لكن في الأساس لم تكن هناك معارضة سورية بالمعنى الوجودي للكلمة، كان هناك تكتلات وأذرع لدول إقليمية أفسدت ما يمكن أن نقول إنه معارضة، ولكن على كل حال المعارضة الآن ليس لديها خيارات بقدر ما هناك أجندات دولية، السوريون تقريبًا خروجًا من دائرة التأثير معارضة ونظام، لذلك نحن في الجمعية الوطنية التي تضم تيارات واسعة ومتنوعة عرقيًا ومذهبيًا ودينيًا، نؤكد على ضرورة حل سياسي يكون فيه للسوريين دور وقرار مع مشاركة الحلفاء من الدول الأخرى، لكن لا بد من إيجاد كيان سياسي سوري قادر على التعامل مع المعطيات السورية، أما بالنسبة لخطة المعارضة فهناك قرارات مجلس الأمن 2254 وهو جوهر الحل للأزمة السورية، القرارات الأممية الآن هي المسار السياسي للمعارضة السورية.

الفصل الأخير

- في ضوء ما ذكرت من تضعضع المعارضة ووجود أجندات دولية، هل تعتقد أن الأزمة السورية شارفت على النهاية، وأن ما يبدو الآن أنه غلبة لنظام بشار الأسد وتحالفاته سيكون هو الفصل الأخير فيها، أم ترجح سيناريوهات أخرى؟

لو جاوبنا على النحو التالي؛ قبل العام 2011 واندلاع الثورة السورية ألم تكن الدولة السورية قائمة في أوج قوتها، ومع ذلك الشعب السوري ثار على الاستبداد والظلم، فما بالك اليوم بعد سبع سنوات من الدمار والحرب، النظام لم يعد موجودًا بالمعني السياسي ومعنى الدولة، لقد أصبحت هناك سلطة أمر واقع فحسب، لن يكون هناك فصل أخير في سورية سوى الحل السياسي الذي يعيد الشعب السوري إلى دوره في بناء وطنه وبناء دولة ديموقراطية مدنية خالية من التطرف، ولا بديل عن الحوار السوري وفق التوافق الدولي .. وهذا في غاية الأهمية لأنه كلمة السر في حل الأزمة السورية.

أما السيناريو الذي يبدو، فهو عملية سياسية تدريجية، تحول دون انهيار الدولة السورية، لسبب وحيد مؤداه أن سورية تقبع في قلب الشرق الأوسط، ومسألة انهيارها هي مسألة تهدد كامل المنطقة.

- بالنظر إلى استمرار تنازع مكونات المعارضة السورية، وخضوع كل منها لإحدى القوى الدولية والإقليمية كما أشرت، لا يختلف في ذلك النظام عن الأكراد عن فصائل المعارضة، ألا يشير ذلك إلى سير الجميع في مسار تقسيم سوريا؟

من حيث المبدأ نحن نرفض التقسيم أو أي حل يهدد وحدة سورية القوية المتماسكة بكل أطيافها، ولم أسمع من قبل أن كيانًا معارضًا يسعى للتقسيم، حتى الدول لا تتحدث عن تقسيم وإنما عن مصالح ونفوذ ومن جهة أخرى، ما زالت سورية في حالة حرب وليس هناك إمكانية لفرض طريقة حكم ما زالت الحرب مستمرة بشكل أو بآخر.. ولا أعتقد ان التقسيم يخدم الدول اللاعبة في سورية ولا الشعب السوري، ومع ذلك كل السيناريوهات قائمة في سورية.

استمرار الثورة

- أشرت إلى أن كل السيناريوهات قائمة في سورية، في تقديرك، هل لا تزال هناك آفاق متاحة لاستمرار الثورة السورية؟

الثورة لم تحددها المعارضة السورية، المعارضة نتاج الثورة وليست ممثلة للثورة، وبالتالي هذا قرار الشعب السوري، لكن في العموم لا شيء يرجع للوراء، التاريخ لا يعود للوراء، الشعب السوري هو من قرر الخروج ضد النظام والثورة بمعناها السياسي والاجتماعي مستمرة في سورية ونظام الأسد ساعد الشعب على القيام بثورته.

ولعل ما شهدناه في مظاهرات إدلب خير دليل على ذلك، فما زالت إرادة الشعب السوري بتغيير النظام موجودة في ضمير كل سوري، لأنهم الوحيدون الذين قدموا ثمن هذا التغيير.

- منح الأسد روسيا وجودًا عسكريًا دائماً في سوريا لمدة 50 عاماً، وكذلك اتفق مع إيران على امتيازات مماثلة، كيف ستتعامل المعارضة مع هذه الانتهاكات لسيادة سوريا في حال رحيل الأسد؟

هذه مسألة دولية بامتياز، وقد قلت في وقت سابق إن التوافق الدولي في سوريا هو أحد مرتكزات الحل، كل تداعيات الحرب خلال السبع سنوات ليست حالة فرض على الشعب السوري إنها وقعت في حالة استثنائية وليس بقبول الشعب السوري، بالطبع سوريا كدولة ونحن كمعارضة نريد أن تكون علاقاتنا جيدة مع الدول العظمى، ومن بينها روسيا ولكن أن يتم تنظيم هذا الأمر بطريقة ما، أما إيران بالتحديد، فهي ذات مشروع مذهبي طائفي توسعي سنقف في مواجهته ليس فقط الآن بل في كل زمان، ومواجهة إيران باتت مسألة محسومة لنا كمعارضة لأنها جزء من المشكلة في سوريا.

تشتت المعارضة

- باعتبارك رئيس أحد تكتلات المعارضة السورية، ما أسباب فشل المعارضة في توحيد السوريين حول مشروع وطني ينهي حقبة عائلة الأسد ونظامها الاستبدادي؟

بالطبع ارتباطات المعارضة بدول خارجية وعلى رأسها قطر، كان له دور في اختطاف القرار السوري والعمل وفق الأجندة القطرية الخبيثة التي دمرت سوريا، والمشكلة أن المعارضة لم تسع في ذات الوقت على توحيد نفسها إلا بإصلاحات شكلية وبقيت مشتتة، ولا ننسى دور الإخوان المسلمين، تلك الجماعة الإرهابية التي ركبت الموجة السورية ومن ورائها قطر، هذه العوامل مزقت المعارضة وصادرت القرار السوري.. الشعب السوري كان بحاجة دول صديقة ووفية مثل المملكة العربية السعودية ولكن تداخل الصراع الدولي أخذ الأزمة إلى مسارات أخرى، واليوم السعودية قادرة بثقلها الإقليمي والدولي والاحترام الذي تحظى به من الشعب السوري، وكذلك العلاقة التاريخية أن تلعب الدور الإيجابي في الأزمة السورية وهذا ما نترقبه حتى الآن ونعول عليه.

المجال السياسي والسلطة كانت من أهم أسباب غياب المشروع الوطني الجامع، وقد ظهر ذلك منذ بداية الثورة عندما تأسس المجلس الوطني، إذ حاول الإخوان المسلمون الهيمنة على القرار الوطني، وقد دعمتهم قطر في ذلك، لذلك تبدو أهم أولويات المشروع الوطني هو إعادة المعارضة السورية إلى حضنها العربي عبر أدوار السعودية ومصر والإمارات العربية المتحدة.

شخصيات المشهد

- هل تعتقد أن المعارضة كانت تمثل قوى الثورة بالفعل أم كانت منفصلة عنها؟

لا يمكن القول إن المعارضة تمثل الثورة، الثورة صنعها الشعب السوري من الداخل، وجاءت شخصيات سياسية تصدرت المشهد ولم يكن هناك انسجام من الداخل والخارج ووقعت الفجوة بين قوى الثورة والمعارضة في الخارج.

ولكن؛ لا يمكن أن نحمل كل الأخطاء في الأزمة السورية للمعارضة السورة بكل أشكالها، هي تتحمل جزءاً كبيراً من المسؤولية لكن ليست الوحيدة، لا ننسى أن النظام السوري طوال أربعة عقود منع الحياة السياسية ولا توجد معارضة ورجالات سياسية معروفة في سورية، وحين بدأت الثورة وجد الشعب السوري أنه أمام شخصيات متنوعة، وهي للأسف وبطبيعة الحال تفتقد للتجربة السياسية وللخبرة في عمل الدول، وقد كانت الأزمة أكبر من مستوى المعارضة التي نتحدث عنها، لكنها ليست منفصلة عن قوى الثورة وإنما كان ينقصها الخبرة وما زالت.

- هناك قناعة متزايدة لدى كثير من السوريين والمراقبين أن فشل المعارضة في توحيد صفوفها، وعدم قدرتها على تقديم مشروع وطني، أدى إلى وقوع الثورة السورية في فخ العسكرة بعد أن بدأت مدنية، فما رأيك؟

عدم الانسجام بين قوى المعارضة والحراك الثوري في بداية الأمر أخذ الثورة إلى مسارات بعيدة منها التسليح، ودخول قطر على الخط منذ البداية ودعمها لتيار الإخوان المسلمين والنصرة وكل القوى المتطرفة فاقم الأزمة السورية، كما أن أسلوب النظام الأمني والقمعي عمق الأزمة، كل هذه المعطيات أوقعت المعارضة في فخ العسكرة .. ونحن كجمعية وطنية سورية منذ البداية كنا ضد العمل المسلح وتنامي سيطرة القوى المتطرفة الذي دعمته قطر وبشدة.

المواقف النبيلة

- في سياق التساؤل السابق، وباعتبارك أحد قادة المعارضة، ماذا قدمت المعارضة للشعب السوري على امتداد سنوات الأزمة؟ وألا يدعو تدني أداء المعارضة إلى اعترافها بخذلان الشعب السوري؟

هناك أمر في غاية الأهمية والمراقب الخارجي يقع في الخلط، وهو ضرورة التفريق بين المعارضة الرسمية التي تصدرت المشهد واستلمت المليارات وحازت على الزخم الإعلامي وبين الجمعية الوطنية التي لا تعتبر جزءاً من هذه المعارضة.

نحن في الجمعية الوطنية لم نتمثل بعد في المعارضة السورية الرسمية، ونحن ما زلنا محسوبين على الشعب السوري، ولسنا محسوبين كقادة للمعارضة. فالجمعية الوطنية السورية هي مكون سياسي مدني، وهذا هو تعريفها، أي أنها حراك يحاول أن ينطلق من حاجة الشعب السوري التي هي أحد مكوناته، وحراكنا المدني كان صلب عملنا أكثر من حراكنا السياسي الذي تمت مصادرته، كما تمت مصادرة إرادة الشعب السوري الذي نشكل - نحن في الجمعية الوطنية - جزءاً منه. ولهذا تجد حراكنا منصباً منذ بداية الأزمة السورية على تجميع المكونات السورية، وقد عقدنا الكثير من المؤتمرات التي جمعت كل أطياف الشعب السوري، هدفنا في ذلك الحفاظ على بنية الشعب السوري ولحمته الوطنية، وهذا أهم ضابط لوحدة سورية في مواجهة محاولات التدويل والتقسيم.

أما كلمة الخذلان تهمة كبيرة للمعارضة السورية، قد تكون المعارضة مقصرة بحق الشعب السوري لكنها لا تستطيع أن تفعل أكثر من ذلك، هي الآن خارج اللعبة ويقتصر عملها على العلاقات العامة، أما القرار السياسي فليس بيد المعارضة السورية، ويجب أن نكون واضحين في هذه المسألة.. خبرة المعارضة ودورها محدود جداً، لذا تراها بهذا الشكل لأكبر أزمة في المنطقة.

- تدعم السعودية الحل السياسي للأزمة السورية وفق مبادئ "جنيف 1"، وقرار مجلس الأمن الدولي رقم 2254، كيف ينظر السوريون لجهود السعودية في إيجاد حل سلمي للأزمة، وتوحيدها لصفوف المعارضة، وتخفيف المعاناة عن اللاجئين السوريين؟

السعودية هي الدولة الأكثر صدقاً ومصداقية بين الدول الداعمة للشعب السوري، وفي كل المراحل كانت السعودية وجهة المعارضة السورية لأنها تنظر إلى مصالح الشعب السوري، وبالتالي تتمتع السعودية بنظرة احترام من قبل الشعب السوري. وأول دولة عملت على جمع المعارضة السياسية والعسكرية هي السعودية من خلال مؤتمر الرياض1 والرياص2.. وستبقى السعودية العمق التاريخي لسورية والدور الأكثر فاعلية في سورية، ولا ننسى دعم خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز وولي عهده صاحب السمو الملكي الأمير محمد بن سلمان للشعب السوري ووقوفه إلى جانبه من خلال إغاثة المخيمات في تركيا ولبنان والأردن، هذه المواقف النبيلة لحاكم السعودية ستبقى علامة فارقة في ذاكرة السوريين.

هناك ما يقارب مليوني سوري يعيشون على الأراضي السعودية في كل المحافظات ويعيشون مكرمين ويحصلون على التعليم دون تمييز.. هذه هي السعودية التي نعرفها.

أخبار قد تعجبك

No stories found.
صحيفة سبق الالكترونية
sabq.org