شعور قطري غفراني

شعور قطري غفراني

شعوري الآن يوصف بمزيج من الحزن والخوف القديمين، والفرح وشكر الله على فرج بات إن شاء الله قريباً. شعوري أيها القارئ تستطيع تجسيده بـ"هائم رأى نوراً في ليل في صحراء خالية، أو شخص رأى أشعة الشمس بعد ليال تعصف بها ريح عاتية، أو مُبحر رأى اليابسة بين فرجات أمواج عالية". هذا هو شعوري أنا الطفل الغفراني الصغير الذي رأى الضيم والتهجير مدة ٢٢ سنة، والآن يرى بصيص أمل لردّ حقوقه كاملة هو ومَن ظُلم معه.

أتساءل دائماً وأهمس في نفسي بصوت خافت: لماذا أنا؟!

تزداد همومي بعد هذا السؤال؛ فيزداد قربي من الله لأخرج من هذا الهم وقلة الحيلة، ثم أتذكر قوله تعالى: {لا يكلف الله نفساً إلا وسعها} فأعلم أن هذا كله تمحيص لي من الله عز وجل.

تقل هذه النشوة الروحانية، وتنهار معنوياتي، ثم أحاول أن أخرج نفسي من جحيم همي بهذه التساؤلات:

لماذا يا وطني تُبعد القريب الأصيل وتقرّب البعيد الدخيل؟

لماذا يا وطني تقوم بدعم إرهاب البعيد لتقتل به الأخ القريب؟

لماذا يا وطني على أرضك تحرّم الحقوق وتحلل العقوق؟

ولماذا فيك تبدّل المروءة بالزمورة؟

مع الأسف لا أجد من يجيبني؛ فأنطوي بتساؤلاتي وهمومي على نفسي حتى نكون لوحدنا في زنزانة أفكاري. تتزاحم الأفكار في هذه الزنزانة، ثم ينهك بسببها جسدي المتهالك من الداخل؛ فتصبح الاجتماعات عندي والحديث مكروهة، والعزلة والصمت محبوبة.

خلال هذه العزلة أنظر فوقي فأرى سماء سوداء ونجوماً بيضاء؛ فيتكلم فؤادي ويقول: جميعهم يتقنون لغة التعاطف؛ ولكن لا يستطيعون تجسيد هذه اللغة بالأفعال.. جميعهم ترى جمال أفعاله البعيد واللا محسوس. معاناة ٢٢ سنة يجب أن تتعلم فيها أن جميع البشر-إلا من رحم الله- دائماً ما يُظهرون الاهتمام لك ظاهرياً لمصلحة يريدونها منك لأنفسهم. فتجسدت في مخيلتي صورة الكتّاب وهو أنني أرى كثيراً منهم يكتبون للتفاؤل والنصح والإرشاد في عالمنا، وجُل هدفهم هو الارتقاء بما في محفظتك فقط، ولو كان الهدف فعلاً هو إنضاج عقل القارئ؛ لكان الكتاب متاحاً للجميع أونلاين ومجاناً.

مع الأسف هذه الحقيقة المرة لمن يصنفون من أفاضلنا في وقتنا هذا. أنا لا أنتقد أحداً بذاته، وأعلم أن هذا الأمر متعارف عليه في وقتنا؛ ولكن هذه هي الحقيقة المرة لواقع حالنا الذي رسخ في مفهومي لهذه الحياة مفهوم أجدادنا بالمقولة الشهيرة "ما ضاع حق وراه مطالب"؛ لذلك أنا أحث كل مَن تضرر أن يتحرر من كل المفاهيم والسياسات القديمة الفاشلة وهي سياسة "بينفعنا فلان" أو "فيه لستة أسماء للغفران جديدة في مكتب الأمير"، وأقول لهم: كل شخص لن ينفعه إلا ذاته بعد توفيق الله؛ لذلك لا تجعل من نفسك وقضيتك سلماً يتسلق الناس عليه، وبعضهم مع الأسف من الغفران للحصول على منصب في جهة حكومية.

في ختام رسالتي لكل متضرر، هذا المثل اليوناني "من يمارس حقه لا يسيء إلى أحد"؛ لذلك جميعنا له الحق المشروع في المطالبة؛ وخصوصاً أننا لم نرتكب أي جرم ولم نسئ لأحد لكي نهجّر من بلادنا قطر؛ بل والأدهى والأمرّ هو وجود كثير من قادة انقلاب ٩٦ "المزدوجين" يعيشون الآن في قطر بكامل حقوقهم هم وعائلاتهم. ومع الأسف هؤلاء هم الذين يرمينا بفعلهم الناس في قطر.

نحن نعلم وأنتم تعلمون والجميع يعلم، فماذا عساكم فاعلين لإحقاق الحق يا حكومتي في قطر لمتضرري الغفران الأبرياء؟

أخبار قد تعجبك

No stories found.
صحيفة سبق الالكترونية
sabq.org