قدّر اقتصاديون وخبراء الاتفاقات والمشاريع المشتركة التي أبرمتها السعودية خلال جولة ولي العهد نائب رئيس مجلس الوزراء وزير الدفاع صاحب السمو الملكي الأمير محمد بن سلمان، في عمان والإمارات وقطر والبحرين والكويت بأكثر من 30 مليار ريال؛ مؤكدين أنها ستسهم في انتعاش حركة التجارة بين دول الخليج، وتعزيز التعاون الاقتصادي المشترك، بعد توقيع ما يقارب 50 اتفاقية بين المستثمرين وأصحاب الأعمال.
وأشاروا إلى أن المكاسب الاقتصادية التي تحققت خلال الزيارة سيكون لها تأثير مباشر على عمق التعاون في جميع المجالات، وستساهم في توحيد الصف والرؤى، وزيادة الاصطفاف ضد أي تحديات خارجية من خلال منظومة مشتركة، بالتواكب مع القمة الخليجية التي تشهدها الرياض في الأيام المقبلة.
اتفاقات مليارية
وأشار الدكتور عبدالله صادق دحلان، الاقتصادي ورئيس مجلس الأمناء بجامعة الأعمال والتكنولوجيا، إلى أن جولة سمو ولي العهد في دول الخليج اكتسبت أهمية خاصة بعدما جاءت في وقت دقيق، قبيل انطلاق قمة مجلس التعاون الخليجي بالرياض؛ حيث حققت أهدافًا مهمة على جميع القطاعات وبالذات في الجانب الاقتصادي؛ حيث جرى توقيع ما يقارب 50 اتفاقية باستثمارات تتجاوز 30 مليار ريال؛ مؤكدًا أن المحطة الأولى في سلطنة عمان حظيت بزخم كبير باعتبارها شهدت أكبر عدد من الاتفاقات، علاوة على أنها الزيارة الأولى لولي العهد إلى سلطنة عمان، وبالتالي تعددت مكاسبها الاقتصادية والتجارية للبلدين والشعبين الشقيقين.
ولفت إلى أنه جرى توقيع 13 اتفاقية، تجاوزت قيمتها 10 مليارات دولار؛ خلال زيارة سلطنة عمان، للعمل المشترك في مشروعات محددة ضمن القطاعات الاقتصادية الواعدة، شملت قطاعات النفط والطاقة، والصناعات البتروكيماوية، والخدمات اللوجستية البحرية والبرية، والتعدين، والمشروعات العقارية، والصناعات الغذائية (استزراع الجمبري)؛ متوقعًا أن تدعم هذه الاتفاقيات تَحوّل الموانئ العمانية إلى منفذ للصادرات السعودية النفطية وغير النفطية إلى العالم.
وأشار إلى أن الحدث الأكبر كان افتتاح الطريق البري الرابط بين البلدين (منفذ الربع الخالي)، الذي من شأنه أن يسهم في تقليل زمن ومسافة الرحلة بين البلدين الشقيقين، وتسهيل حركة وعبور المواطنين من كلا البلدين، كما سيسهم الطريق الجديد أيضًا في فتح المجال أمام حركة البضائع من السعودية مرورًا بالطرق البرية في السلطنة، ووصولًا إلى موانئها التي ستُسهّل تصدير البضائع السعودية والعمانية إلى العالم.
عوائد كبيرة
من جانبه، لفت المحامي والمستشار القانوني الدكتور صالح بكر الطيار، رئيس مركز الدراسات العربي الأوروبي، إلى النشاط اللافت لمجالس الأعمال السعودية مع الدول الخمس خلال جولة ولي العهد، وقال: "العوائد الاقتصادية من الزيارة أكثر من رائعة، فعلاوة على أبعادها السياسية المعروفة، ساهمت في توثيق التعاون التجاري والصناعي والزراعي بين دول المنطقة، من خلال اتفاقات مباشرة سيكون لها نتائج إيجابية في العام الجديد 2022، وعلاوة على الاتفاقات الـ13 التي وُقعت في سلطنة عمان، أبرم ملتقى الأعمال السعودي الإماراتي مجموعة من المشروعات المشتركة بحجم استثمارات وصل 10 مليارات ريال، بحضور عجلان العجلان رئيس اتحاد الغرف السعودية، وعبدالله المرزوقي رئيس اتحاد غرف أبو ظبي، ومن أبرز الاتفاقات التي شهدتها زيارة الإمارات اتفاقية شركة البواني القابضة السعودية وشركة برايم الإماراتية، في مجال الاستشارات الهندسية، إلى جانب اتفاقية ثانية جمعت بين الشركة السعودية "السحاب للاستثمار"، والشركة الإماراتية "ماجستيك قروب" بشأن "الاستثمار في المدن المتكاملة.
وأوضح أن زيارة ولي العهد إلى الكويت أعطت دفعة كبيرة للنشاط التجاري بين البلدين؛ حيث بحث ملتقى أصحاب الأعمال السعودي- الكويتي سبل تطوير العلاقات الثنائية بين البلدين، وزيادة التعاون بين قطاعي الأعمال في البلدين الشقيقين، في كل المجالات الاقتصادية والاستثمارية، بما يواكب رؤية المملكة 2030 ورؤية الكويت 2035؛ مشيرًا إلى انطلاق المجلس التنسيقي السعودي القطري برئاسة ولي العهد وأمير قطر، والتوقيع على البروتوكول المعدل لإنشاء المجلس، وتوقيع 4 اتفاقات بين السعودية والبحرين خلال جولة المنامة، والتشديد على استكمال العمل على المبادرات المطروحة كافة بين البلدين وعددها 65 مبادرة.
تكامل خليجي
بدوره وصف المهندس محمد حسن أبو داود رجل الأعمال والاقتصادي، زيارة ولي العهد للدول الخليجية الخمسة؛ بأنها خطوة مهمة لاستكمال التكامل الاقتصادي الخليجي، وقال: تحرص القيادة السعودية على تعزيز العمل الخليجي المشترك، وتحقيق التكامل الأمثل بين دول مجلس التعاون لترسيخ أمن واستقرار المنطقة، وتعزيز التنمية الاقتصادية وتحقيق الازدهار لدول المجلس والشعوب الخليجية، في ظل التحديات الكبرى التي تواجهها المنطقة، ومنها التحديات التنموية والاقتصادية والأمنية؛ حيث باتت دول الخليج الوحيدة التي حفظها الله من المخططات التخريبية التي استهدفت المنطقة، بفضل الله أولًا ثم حكمة قادة الدول الخليجية التي ساهمت في تجنيب المنطقة المخاطر الأمنية والاستراتيجيات التخريبية المحكمة.
وأضاف أن من المهم التحرك بحزم وحنكة من خلال التكامل الخليجي، ووحدة المصير، والعمل المشترك الذي يحول الدول الخليجية إلى كيان قوي قادر على مواجهة المتغيرات الدولية والمخاطر والمخططات التخريبية، والمحافظة على المكتسبات التنموية والاقتصادية، والعمل الجاد لتحقيق مزيد من الازدهار لشعوب المنطقة.
وأكد أن الجانب الاقتصادي حظي باهتمام كبيرة خلال الجولة المهمة؛ حيث إن جميع دول الخليج لديها استراتيجيات ورؤى طويلة المدى تستهدف إعادة هيكلة الاقتصاد وتنويع مصادره بدل الاعتماد على النفط، كما أن رؤية المملكة 2030، التي أطلقها ولي العهد الأمين لم تركز على الاقتصاد المحلي فحسب؛ بل خلقت روابط اقتصادية مع دول الجوار وفي مقدّمها الدول الخليجية؛ لذا حرصت المملكة على إنشاء مجالس تنسيق بين المملكة ودول الخليج؛ بهدف وضع أطر شاملة لتعزيز العلاقات الثنائية، وللدفع بالشراكات الاقتصادية إلى آفاق أرحب، وفق رؤية المملكة 2030، بما يلبي تطلعات القيادة ويحقق مصالح الشعوب.