تحظى العلاقات الثنائية بين السعودية والعراق باهتمام قادة البلدين؛ لما لها من أهمية استراتيجية بالغة بالنسبة لمصالح الدولتين، وتعزيز أمن واستقرار دول المنطقة، وحمايتها من التدخلات الخارجية، التي من شأنها الإخلال بمتطلبات العيش المشترك، وحسن الجوار، والخطط التنموية بها، غير أن العلاقات بين الرياض وبغداد شهدت انعطافة نوعية على صعيد الانتقال بها إلى مستوى الشراكة الاستراتيجية خلال الاجتماع المرئي الأخير، الذي عقد عن بعد بين ولي العهد الأمير محمد بن سلمان ورئيس الوزراء العراقي مصطفي الكاظمي في العاشر من نوفمبر الماضي.
فخلال الاجتماع، أكد الزعيمان على أهمية توسيع آفاق التعاون الثنائي، وتعزيزه بما يخدم مصالح البلدين والشعبين في المجالات المختلفة، لاسيما السياسية، والأمنية والتجارية، والاستثمارية، والسياحية، والبناء على ما سبق، وأن تحقق من نتائج إيجابية في الزيارات المتبادلة بين البلدين خلال الفترة الماضية، ويتضح في هذا التأكيد بجلاء المنحى الشامل، الذي اتخذته العلاقات في اتجاه الشراكة الاستراتيجية؛ باعتبارها نتيجة مباشرة لتوسيع آفاق التعاون، ليشمل كل المجالات بالتزامن مع بعضها البعض.
واتفق ولي العهد ورئيس الوزراء العراقي في الاجتماع أيضاً، على استمرار التعاون المشترك في مواجهة خطر التطرف والإرهاب؛ بوصفهما تهديداً وجودياً لدول المنطقة والعالم، واتفقا كذلك على استمرار دعم جهود العراق بالتعاون مع التحالف الدولي للتصدي للإرهاب والتطرف، وأهمية التعاون في تأمين الحدود بين البلدين، وكما يلاحظ يتعامل هذا المحور مع التحديات الأمنية، التي يشكلها الإرهاب على استقرار دول المنطقة، وما يتطلبه من جهود مشتركة لدحره والقضاء عليه، وحتى لا يهدد أمن الدول واستقرارها وتماسك جبهاتها الداخلية.
وتحققت الكثير من النتائج لاجتماع الزعيمين، فبمثل ما يشهد الإرهاب انحساراً ملحوظاً في المنطقة، فإن الدولتين حققتا نجاحات كبيرة في تأمين حدودهما المشتركة تمخضت عن نسبة صفر عمليات تهريب أو دخول غير نظامي على طول الحدود بين البلدين، وكذلك الحال نفسه على مستويات التعاون السياسي والاقتصادي والتنموي ومجال الطاقة، وتندرج الزيارة الحالية لوزير الداخلية العراقي عثمان الغانمي إلى المملكة على رأس وفد رفيع من قادة الوزارة، ضمن أطر التعاون والتنسيق المتفق عليها بين الدولتين، في اتجاه تحقيق علاقات بناءة ومثمرة لكل منهما.