الثلاثاء الماضي (1ربيع الآخر1439هـ) أقر مجلس الوزراء في جلسته التي عقدها برئاسة خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز آل سعود - حفظه الله - الميزانية العامة للدولة للعام المالي الجديد 1439 / 1440هـ، التي حملت إيجابية عالية بمقاييس الخبراء، خاصة على مستوى الموارد غير النفطية بنسبة 50 %.
جوانب الميزانية رقميًّا ودلالاتها أسهب فيها المحللون والخبراء، وتم استعراضها بشكل واسع في المجال الإعلامي، بعدما قدمت اطمئنانًا كبيرًا على الأصعدة كافة، وأن الحكومة تسير بخطى واثقة ومنتجة ضمن خطط رؤية السعودية 2030م.
غير أن هناك جانبًا في غاية الأهمية أيضًا، أبرزه بيان وزارة المالية الذي صدر بمناسبة الميزانية العامة للسنة المالية 1439 / 1440هـ، وفي جوهره الخطط المؤسسية التي أعدتها وزارة المالية، وتم استحداثها لتحقيق الاستدامة والاستقرار وسط التحديات والصعوبات المتوقعة في ظل الركود الاقتصادي العالمي.
"سبق" تستعرض في هذا التقرير أبرز ما ورد في ثنايا البيان حول تطوير آليات الميزانية العامة.
1- قامت وزارة المالية بإطلاق منهجية جديدة لإعداد الميزانية في 2018م انطلاقًا من مبدأَيْن: الأول: توزيع الميزانية من المستوى الإجمالي إلى المستوى التفصيلي. والثاني: رفع كفاءة الإنفاق؛ وذلك لتتوافق الميزانية السنوية مع المستهدفات المالية للمملكة. وفي ذلك الإطار تم عقد ورش مراجعة الميزانية، وتطبيق نظام الحوكمة.
2- بهدف الوصول إلى استدامة المالية العامة وفق برامج التوازن المالي تبنت وزارة المالية مجموعة من البرامج والمبادرات، أهمها: (تطبيق إطار للمالية العامة متوسط المدى، يحدد سقف الميزانية وسقوف إنفاق على مستوى الجهات الحكومية)، (العمل على التخصيص الأمثل للموارد)، (تحسين عملية تحصيل الإيرادات العامة للدولة) و(الاستغلال الأمثل لأصول الدولة ووسائل التمويل الجديدة).
3- أطلقت الوزارة عددًا من المبادرات، منها: تطوير إدارة واستدامة المالية العامة، تفعيل الحساب الموحد للدولة لتحسين الرقابة النقدية وتطوير الرقابة المالية. وستعمل هذه المبادرات على رفع كفاءة إعداد الميزانية السنوية، ودقة التقديرات، وتطوير الرقابة المالية، وقياس الأداء.
4- لتحقيق ذلك تم استحداث وحدات داخل وزارة المالية، مثل وحدة السياسات المالية والكلية، ومكتب إدارة الدَّين العام، ووحدة تنمية الإيرادات غير النفطية، إضافة إلى انضمام مكتب ترشيد الإنفاق الرأسمالي والتشغيلي، ووحدة الشراء الاستراتيجي، ومكتب برنامج تحقيق التوازن المالي؛ لتكون تحت إشراف وزارة المالية.
5- مواصلة جهود تشجيع وتيسير إجراءات الاستثمار في السعودية، وتحسين مستوى الخدمات الحكومية، وتنفيذ المشاريع في قطاعات التشييد والبناء والسياحة والثقافة والترفيه.
6- تنفيذ برامج للخصخصة التي يتوقع أن تتيح فرصًا جديدة لنمو الاستثمار الخاص، وتوليد مزيد من فرص العمل.. والعمل على تطوير إطار ونظام للشراكة بين القطاعَيْن العام والخاص.
7- تهدف السياسة الجديدة إلى أن الحكومة ستواصل تنفيذ مبادرات للحد من الآثار السلبية للإصلاحات على المواطنين، ومن ذلك (برنامج حساب المواطن). ويُتوقع أن تكون ميزانية حساب المواطن في حدود 32 مليار ريال في عام 2018م.
8- لتحسين الأداء أطلقت وزارة المالية مجموعة من الخدمات والمنصات الإلكترونية للإسراع في سداد المستحقات، مثل الاستعلام عن أوامر الدفع، ومنصة "اعتماد"، وخدمة رفع المطالبات المالية وغيرها؛ لضمان تنفيذ سداد المستحقات خلال ستين يومًا للمطالبات المستوفية الإجراءات، والتأكد من عدم وجود مطالبات مستحقة للقطاع الخاص لم يتم التعامل معها، وسدادها دون تأخير.
9- عملت الوزارة على تطوير نظام المنافسات والمشتريات الحكومية؛ لتحقيق أفضل قيمة للمال العام وفق أفضل الممارسات العالمية.
10- ستستمر الحكومة في تنفيذ مبادرات برنامج تحقيق التوازن المالي في عام 2018م، منها البدء في إطلاق ثلاثة مسارات: (القيمة المضافة 5 %)، (المرحلة الثانية من تصحيح أسعار الطاقة) و(المرحلة الثانية من المقابل المالي على الوافدين).
11- استمرت وزارة المالية في اتباع سياسة توازن بين إصدارات الدَّين والسَّحب من ودائع الحكومة والاحتياطي العام للدولة لتمويل عجز الميزانية، كما قامت بتنويع إصداراتها المحلية والخارجية من خلال إصدار صكوك وسندات بنحو 134 مليار ريال.
12- بهدف عدم التأثير السلبي على معدلات نمو الناتج غير النفطي، الذي يُعد أحد الأهداف الرئيسة لرؤية 2030، فقد تم مراجعة الجدول الزمني للبرنامج وتعديله بتمديد فترة تنفيذ بعض الإصلاحات لتحقيق التوازن المالي بحلول عام 2023م بدلاً من 2020م.
13- بدأت وستستمر وزارة المالية بتنفيذ عدد من المبادرات لتعزيز المساءلة، وزيادة الشفافية المالية، وزيادة الإشراف المالي للجهات الحكومية. ويتوقع أن يساهم ذلك في الحد من تجاوز النفقات عن الميزانية.
14- رؤية الوزارة حول المخاطر الاقتصادية والمالية كانت حذرة جدَّا؛ فقد "تم إعداد ميزانية 2018م والإطار المالي والاقتصادي على المدى المتوسط في ضوء افتراضات مالية واقتصادية رئيسة، بُنيت على أساس المعلومات والتطورات والظروف الاقتصادية الداخلية والخارجية المتوافرة وقت إعداد تقديرات الميزانية".
15- المخاطر كان أبرزها تذبذب أسعار النفط، ومدى سير الإصلاحات، وآثار تطبيقها. تقول الوزارة: "لمواجهة هذه المخاطر باشرت الحكومة تنفيذ برنامج شامل لتنمية الإيرادات غير النفطية، والتنسيق مع الدول المصدرة للنفط لإحداث توازن بين العرض والطلب في السوق العالمية".
16- ومن خطوات الوزارة لمواجهة الآثار الجانبية للمبادرات: متابعة تنفيذ الإصلاحات، ومراقبة آثارها الاقتصادية، مع الاستعداد لتغيير بعض القرارات لإحداث تصحيح في المسار كلما تطلب ذلك، وهو ما تم مراعاته عند تطبيق بعض الإجراءات السابقة، مثل قرار عودة البدلات الحكومية، أو إضفاء مزيد من التدرج في بعض الإجراءات الأخرى، مثل تصحيح أسعار الطاقة.
هذا، فيما أكدت وزارة المالية في بيانها أنها لم تأخذ في الحسبان جميع مبادرات برامج تحقيق الرؤية التي يجري تطويرها حاليًا، ولم تأخذ بالحسبان أيضًا مبادرات صناديق التنمية الوطنية وصندوق الاستثمارات العامة لما بعد عام 2018م، التي يُتوقع أن يكون لها تأثير إيجابي أكبر على النمو الاقتصادي، وخلق مزيد من فرص العمل.