حوار أهل الحوار

حوار أهل الحوار

التحاور مفتاح ذهبي للإقناع، ولقد أضحى الحوار والتواصل بين الأمم من المسلمات التي لا تقبل الشك، ولِمَ لا؛ وقد أصبح العالم - كما شاع - قرية صغيرة، ففي ظل هذا الانفتاح الكبير والعولمة الحديثة أصبح الانعزال والتقوقع أمراً منبوذاً؛ فلا يصح لدولة من الدول أو مجتمع من المجتمعات أن يعيش بمعزل عن العالم بمتغيراته وتطوراته وأحداثه ومستجداته ومشكلاته وقضاياه، فالحوار والتواصل بين أفراد المجتمع الواحد، أو بين الدول ونظيراتها من العالم أضحى ضرورة ملحة يفرض وجوده وآثاره وتبعاته.

وفي ظل هذا الواقع وبناءً على مستجداته، صدر أمر خادم الحرمين الشريفين الملك فهد بن عبدالعزيز - رحمه الله - بإنشاء مركز الملك عبدالعزيز للحوار الوطني كهيئة وطنية مستقلة، وعلى أثر ذلك بُدئ بأعمال التأسيس وشُكلت اللجان المختصّة، وكذا الأطر التنظيمية والإدارية اللازمة.

وجاءت فكرة المركز في الأساس للسعي إلى نشر ثقافة الحوار وتعزيزها في المجتمع وأن يكون قناة موثوقة للتعبير المسؤول في مختلف القضايا الوطنية وفق آليات ووسائل فاعلة مبنيَّة على الوسطيَّة والاعتدال واحترام التعدّدية والتنوع لتعزيز الوحدة الوطنيَّة. وكذا الإسهام في صياغة خطاب إسلامي متوازن يستمد قوته من قوة الشريعة الإسلامية، ويحافظ بدوره على الوحدة الوطنية، ونشر لغة تفاهم وحوار بين أفراد المجتمع تؤدي بدورها إلى تحصين العقل المجتمعي وتهيئته لتقبل الأفكار الإبداعية الخلاقة التي تصب في مصلحة الوطن والمواطن.

ويسعى المركز إلى تفعيل ما أُشير إليه عبر عدد من الأهداف، ذكرها القائمون على المركز، وهي كالتالي:

1- مناقشة القضايا الوطنيَّة الاجتماعيَّة والثقافيَّة والسياسيَّة والاقتصاديَّة والتربويَّة وغيرها، وطرحها من خلال قنوات الحوار الفكري وآلياته.

2- تشجيع أفراد المجتمع ومؤسسات المجتمع المدني على الإسهام والمشاركة في الحوار الوطني.

3- الإسهام في صياغة الخطاب الإسلامي الصحيح المبني على الوسطيَّة والاعتدال.

4- الإسهام في توفير البيئة الملائمة لإشاعة ثقافة الحوار داخل المجتمع.

5- وضع رؤى إستراتيجيَّة لموضوعات الحوار الوطني.

وراعت أهداف مركز الحوار الوطني بعض الأطر العامة التي تنظم أنشطة المركز ووسائله وآلياته، ومنها:

الإطار الاجتماعي:

ورُوعي في هذا الإطار ما للمجتمع السعودي من ثوابت دينية واجتماعية تميزه عن غيره من المجتمعات، وهذا لا يعني بالضرورة الانغلاق على الذات والانعزال عن العالم، بل وُضعت الضوابط التي تحقق أهداف المركز، مراعية في الوقت ذاته خصوصية المجتمع، ومن ذلك:

1- رفض الظواهر الاجتماعية السلبية التي تعانيها بعض المجتمعات، وحماية المجتمع السعودي منها، من خلال تفعيل المؤسسات والمراكز الاجتماعية والتربوية.

2- إبراز عظمة النظام الاجتماعي الإسلامي، وبيان شموليته وعدله للبشرية.

3- قبول القيم الإنسانية النبيلة التي تتوافق مع ثوابت الشريعة.

4- المشاركة الجادة والفاعلة مع القضايا الاجتماعية النبيلة، كقضايا حقوق الإنسان، وحقوق ذوي الاحتياجات الخاصة، وقضايا الفقر والبطالة.. إلخ.

الإطار السياسي:

وهذا الإطار ينطلق من الأهداف التالية:

1- تفعيل دور سفارة المملكة العربية السعودية في الخارج بما يعزّز التواصل الإيجابي مع الآخرين.

2- تعزيز أواصر الأخوة واللحمة الإسلامية بين الدول العربية؛ للوصول إلى أعلى درجات التلاحم والإخاء.

3- التعامل الراقي مع الأجانب وحماية حقوقهم على أرض المملكة.

4- الالتزام بالعهود والمواثيق الدولية التي تؤسس لقيم العدل والتسامح ونشر ثقافة سياسية رصينة.

الإطار الاقتصادي:

وهذا الإطار ينطلق من الأهداف التالية:

1- إبراز الدور الحيوي للمملكة العربية السعودية في المنطقة وبيان ثقلها الاقتصادي على الساحة الدولية.

2- تعزيز قيمة ودور الصناديق التنموية التي تقدم المعونات للدول والشعوب الأخرى، بما يعزز ثقافة التواصل مع الآخر.

3- المضي قدماً في تحقيق التكامل الاقتصادي بين الدول الإسلامية والعربية.

4- جذب الاستثمارات الأجنبية، وإيجاد مناخ اقتصادي يشجع على الاستثمار داخل المملكة.

أفكار للاستفادة من مركز الحوار الوطني:

لا شك أن الأهداف السامية التي من أجلها أُسس مركز الحوار الوطني، وجّه الأنظار إلى البحث والتنقيب عن أفكار جديدة للاستفادة من مركز الحوار الوطني، وبدا لي منها ما يلي:

- إنشاء مراكز حوار متعدّدة الأغراض على غرار مركز الحوار الوطني:

إن النجاح الذي حقّقه مركز الحوار الوطني في نشر ثقافة الحوار والتعايش وبناء لغة التفاهم وقبول الآخر، أضحى مُلهماً لعديد من الأفكار والمشروعات ذات الصلة، فالحاجة ماسة وملحة - مثلاً - لإنشاء مركز الحوار الإنساني، فكما يسعى مركز الحوار الوطني لنشر ثقافة الحوار بين أفراد المجتمع، فما المانع من إنشاء مركز الحوار الإنساني لنشر ثقافة التكافل المجتمعي، وتقديم التجارب الإبداعية الناجحة للقضاء على مشكلات الفقر والعوز.

- توسيع نطاق التعاون المشترك بين الأكاديميات العلمية والجهات ذات العلاقة، مع مركز الحوار الوطني.

- الاستفادة من الجهود التي يبذلها المركز للوقاية من التطرف وحماية الشباب والأسر من هذه الآفة التي تهدد أمن وسلامة الوطن والمواطن.

- الاستفادة من الأنشطة التدريبية التي تقيمها أكاديمية الحوار.

- الاستفادة من الفعاليات التي تناقش القضايا الوطنيَّة والاجتماعيَّة والثقافيَّة والسياسيَّة والاقتصاديَّة والتربويَّة التي تتم من خلال مركز الحوار، وطرحها من خلال قنوات الحوار الفكري وآلياته المختلفة.

- الاستفادة من مشروع سفراء الوسطية، الذي يسعى لنشر الوسطية والاعتدال بين الطلبة، والذي أطلقه المركز سابقاً بالتعاون مع عدد من الجامعات في المملكة.

بقي أن أقول:

شكراً سعادة الأستاذ عبدالعزيز بن محمد بن سبيل؛ وطاقم العمل في مجلس الأمناء للحوار الوطني، على شفافيتهم ومحبتهم للرقي بالعمل للكمال البشري.. ولكم شوقي وتقديري.

أخبار قد تعجبك

No stories found.
صحيفة سبق الالكترونية
sabq.org