كالعادة، وكمنبر للتنظيمات المتطرفة في العالم، احتفت قناة الجزيرة الناطقة بالعربية بتفجيرات الكنائس في إندونيسيا، التي أودت بعشرات القتلى والجرحى مخلفة أسئلة ثقيلة حول التعايش الذي لطالما افتخرت به دولة إندونيسيا.
وخرجت قناة الجزيرة بعنوان عريض "أنصار دولة الخلافة في إندونيسيا: نحن هنا"، وهو العنوان الاحتفالي الذي لا يمت للإنسانية بصلة عوضًا عن المهنية الإعلامية. وليس جديدًا على هذه القناة التي منذ نشوء تنظيم داعش دأبت على تسميته تنظيم الدولة الإسلامية، ثم طورت التسمية إلى دولة الخلافة التي لطالما كانت حلمًا للحمدين، وأنفقا عليه المليارات من أجل تطبيقه في الشرق الأوسط.
وليست مصادفة أن تسمي قناة الجزيرة تنظيم داعش بدولة الخلافة في هذا التوقيت؛ إذ تحدثت تقارير إعلامية مختلفة عن محاولة إيرانية قطرية لإحياء تنظيم داعش في الشرق الأوسط بعد أن اشتد الوثاق على هذه الأنظمة؛ فهما بحاجة إلى تشتيت الجهود الدولية من أجل تخفيف الضغوط عليهما. وما عملية الطعن في فرنسا يوم أمس وتفجيرات أفغانستان الجديدة إلا حلقات جديدة في هذا المسلسل.
وبرزت ملامح المخطط الجديد لإحياء تنظيم داعش في الآونة الأخيرة بشكل أوضح؛ إذ ظهرت آلاف المعرفات الوهمية في مواقع التواصل الاجتماعي "تويتر"، تشيد بجرائم تنظيم داعش، وتنقل أخبار هذا التنظيم، وتعرض مقاطع فيديو لجرائم داعش في محاولة لجذب الأتباع السذج!
ولأن تنظيم داعش بحاجة إلى منبر إعلامي ضخم حتى يستعيد ما فقده، فقد تطوعت الجزيرة، ووفرت له هذا المنبر، وهي التي كانت من قبل منبرًا حصريًّا لتنظيم القاعدة في أفغانستان واليمن وتنظيم دولة العراق بقيادة أبي مصعب الزرقاوي وحزب الله، وأخيرًا مليشيات الحوثي!
لكن المفارقة هنا تكمن في أن العناوين الرنانة للتنظيمات المتطرفة تغيب تمامًا عن الجزيرة الناطقة باللغة الإنجليزية؛ لتبرز تساؤلات جدية مجددًا: هل أصبح إغلاق هذا المنبر المتطرف ضرورة ملحة في الحرب على الإرهاب؟ الجواب قدمه "إيدي وايت" مدير شبكة الصحافة الأخلاقية الدولية، وهو: "إذا فقدت الصحافة مبادئها الأخلاقية فتكون قد فقدت قيمتها، ومصداقيتها، وسبب وجودها"!