بعد استخدامهم المناورات أحياناً والعنف في أوقات أخرى، لإفشال إجراء الانتخابات والتعيينات الجديدة في المناصب السيادية، تستعد ميليشيات تنظيم الإخوان الإرهابي لإشعال فوضى جديدة في ليبيا لتعيين وزير دفاع تابع لها.
وبحسب توقعات خبراء سياسيين في الشأن الليبي، تحدثوا لـ"سكاي نيوز عربية"، فإن مطالبة الإخوان بتعيين وزير للدفاع، والدفع بمرشحين منتمين لهم في هذا الوقت، ما هو إلا محاولة جديدة لتعطيل الحياة السياسية، وإفساد مخرجات الحوار الوطني، فضلاً عن إفشال عمل لجنة 5+5 المكلفة بملف طرد المرتزقة الأجانب وتفكيك الميليشيات.
إلا أن" سكاي نيوز عربية" حصلت على نفي رسمي من المتحدث باسم الحكومة الليبية، محمد حمودة، بأن يكون هناك مناقشات من الأساس لاختيار وزير الدفاع، مؤكداً أنه سيظل شاغراً خلال هذه الفترة.
وينبه المحلل السياسي إبراهيم الفيتوري إلى أن تنظيم الإخوان يحاول منذ فترة افتعال الأزمات لتأجيل الانتخابات البرلمانية والرئاسية المقررة نهاية العام بأي شكل، فبعد فشله في الضغط على أن يتم التصويت على الدستور أولاً، افتعل أزمة وزير الدفاع لتعطيل المسيرة السياسية، حتى لا يصل إلى النقطة التي تخرجه من المشهد السياسي.
وأضاف الفيتوري لـ"سكاي نيوز عربية"، أن التنظيم يحاول أيضاً بهذه الطريقة الالتفاف على بنود مخرجات برلين وتعطيل عمل لجنة 5+5 العسكرية المسؤولة عن ملف إخراج المرتزقة، وتوحيد الجيش الليبي، والالتزام بوقف إطلاق النار.
وأما الضامن لعدم حدوث هذا -يتابع الفيتوري- فهو أن تنظيم الإخوان يجب أن يكون آخر فصيل يقدم مرشحين لوزارة الدفاع؛ كون انتمائه الأول لتركيا بصفتها حاضنة مقر التنظيم الدولي، ورئيسها أكبر الداعمين له.
وفي رأي الباحث الليبي، فإن منصب وزير الدفاع يجب ألا يخرج عن إطار الجيش الليبي والقيادة العامة.
ويأتي هذا بعد تجرؤ الميليشيات على حصار المجلس الرئاسي، الجمعة الماضية، في مقره بفندق كورونثيا في العاصمة طرابلس، لإرهابه وإجباره على إلغاء قراره بتعيين حسين الغائب رئيساً للمخابرات بدلاً من عماد الطرابلسي.
وتم الحصار بعشرات السيارات التابعة للميليشيات، وذلك بعد ساعات قليلة من اجتماع قادة الميليشيات وأمراء الجماعات المسلحة، توعدوا فيه المجلس الرئاسي وحكومة الوحدة الوطنية؛ حيث يريد قادة الميلشيات، ومنهم وزير الداخلية السابق فتحي باشاغا المنصب الذي احتكروه خلال الأعوام الماضية.
ليبيا أسيرة
وعلى هذا، حذر المحلل السياسي عثمان بركة من فتح ملف تعيين وزير الدفاع الآن، وبرر هذا في حديثه لـ"سكاي نيوز عربية" بأن الأمور ستكون في غير نصابها حال تعيين الوزير في هذه الفترة، ويجب أن يسبق التعيين نجاح لجنة 5+5 في مهمتها الخاصة بإخراج المرتزقة وتوحيد الجيش وتثبيت وقف إطلاق النار.
أي قطع الطريق أمام تنظيم الإخوان في أن يكون صاحب النفوذ الأقوى في البلاد حين يفقد أذرعه التي يبطش بها، وهي المرتزقة والميليشيات والفوضى والفرقة بين القوات والمؤسسات الليبية.
ويتساءل "بركة": "ليبيا مازالت أسيرة وجود السلاح على أرضها؛ فالميليشيات هي المسيطر الفعلي على الأرض؛ فكيف تستطيع الحكومة أن تختار بحرية أفراد حكومتها؟".
ويتوقع أن أي نظام سياسي في ليبيا "سيعاني الفشل إن ظلت مشكلة السلاح والميليشيات موجودة، والغرب الليبي بأكمله ما زال محتلاً من تركيا التي تختار المسؤولين في الدولة، وإذا رفض الحكومة يحدث مثل ما تعرض له المجلس الرئاسي الليبي من يومين أي تتحرك الميليشيات بأسلحتها لإجبار الدولة على ما تريده أنقرة".
كذلك حمَّل المحلل السياسي المجتمع الدولي مسؤوليته في ضبط الوضع: "يجب أن يقف أمام مسؤولياته إذا أراد فعلاً أن تستقر الأمور في ليبيا؛ فخطوة سحب السلاح خطوة مهمة جداً يجب أن تسبق أي خطوة لتنفيذ بنود الاتفاق السياسي والمصالحة، وبعدها يُفتح ملف اختيار وزير الدفاع".
تهديد جديد
ويعقب المحلل السياسي الليبي محمد صالح جبريل اللافي، أن فتح ملف اختيار وزير الدفاع في هذه الفترة "ما هو إلا محاولة جديدة من الإخوان لضرب المسار السياسي وتعطيل عمل اللجنة العسكرية المشتركة، وتعيين وزير دفاع منتمي للتنظيم خطر على الأمن القومي؛ حيث إن أسرار ليبيا كلها وأمنها القومي في أيدي تنظيم الإخوان الموالي لتركيا".
كما لفت إلى أن الأطراف الليبية لن ترضى عن اختيار وزير للدفاع بهذا الشكل؛ مما سيزيد من الاضطراب، خصوصاً أن هناك لغطاً كبيراً حدث أثناء تشكيل الحكومة على هذا المنصب؛ فمن المستحيل أن تتقبله بعض الأطراف الوطنية.
ويأتي هذا فيما تكشف مصادر ليبية مطلعة لـ"سكاي نيوز عربية" عن تهديد عدد من قيادات الميليشيات في الغرب الليبي بتحرك ضد السلطات، بعد اقتحام فندق كورنثيا، في ليل يوم الجمعة الماضي، وأن قائد ما يعرف بـ"ميليشيا 166" محمد الحصان هدد المجلس الرئاسي وحكومة الوحدة الوطنية بانتشار عناصر الميليشيات بشكل واسع في طرابلس والسيطرة على نقاط حيوية منها وزارات، من أجل إجبار السلطات على "تنفيذ مطالبهم".
وتتمثل هذه المطالب، بحسب المصادر، في التراجع عن قرار الإطاحة بعماد الطرابلسي من رئاسة جهاز المخابرات، وأيضا إقالة وزيرة الخارجية نجلاء المنقوش، التي طالبت مسبقاً بإخراج المرتزقة والمقاتلين الأجانب من البلاد.
وفي هذه الأجواء، يثور السؤال عن إمكانية الذهاب إلى الانتخابات التشريعية والرئاسية، في ظل سيطرة الميليشيات على طرابلس.