الرهان على نجاح أبناء الوطن وراء قرار السماح للنساء بقيادة السيارة

ثقة ولاة الأمر في المرأة منحها المزيد من الحقوق والمكتسبات
الرهان على نجاح أبناء الوطن وراء قرار السماح للنساء بقيادة السيارة

كشفت رؤية المملكة 2030 التي أعلنها سمو ولي العهد صاحب السمو الملكي الأمير محمد بن سلمان بن عبد العزيز قبل أكثر من عام، حجم ثقة ولاة الأمر في أبناء الشعب السعودي نساءً ورجالا، باعتبارهم هم من سيقومون بتنفيذ متطلبات هذه الرؤية على أرض الواقع، وقيادة البلاد إلى مستقبل أكثر إشراقا على كل المستويات.

وتهدف الرؤية إلى إحداث تغييرات وإصلاحات جذرية في القطاع الاقتصادي، بإيجاد مصادر دخل جديدة غير النفط، ودعم قطاعي الصناعة والزراعة وتعزيز تصدير المنتجات الوطنية للخارج، بجانب تطوير قطاع التقنية، ونقلها إلى داخل البلاد، وتأسيس أجيال من العلماء المبتكرين والمخترعين لإحداث ثورة تقنية داخل المملكة، وتأسيس بلد عصري قوي ومتطور ومتماسك، يستطيع أن يواجه التحديات العالمية المحيطة به، وبجانب تطوير القطاع الاقتصادي، هناك تغييرات تطال المجتمع، هدفها تأمين احتياجات أفراده، وتلبية أمنياتهم، ومحاربة الفكر الهدام، شريطة ألا يتم المساس بثوابت المجتمع السعودي المحافظ والمسلم.

وقد استخدمت رؤية المملكة 2030 لغة مباشرة وصريحة، عندما خاطبت فئة الشباب دون سواهم، وأعلنت لهم أن عصر التغيير الذي تسعى له البلاد، لا يمكن أن يتحقق، إلا على سواعدهم وبجهودهم وآلية تعاملهم المغايرة مع جميع الأمور، وأكدت الرؤية لهؤلاء الشباب أن عليهم أن يكونوا على قدر المسؤولية الملقاة على عاتقهم، في السعي الحثيث إلى نقل المملكة إلى عصر مليء بالتقدم والازدهار.

وأكدت الرؤية أيضا أن عمليات التغيير المستهدفة في المجتمع السعودي، من الصعب أن تقوم على فئة دون أخرى، أو جنس دون آخر، وأشارت إلى لكل شخص في المجتمع، رجلا كان أو امرأة، صغيراً كان أو صغيرا، عليه واجبات ومهام، لابد أن يقوم بها بنفسه، حتى يكتمل مشهد التغيير المرتقب، ويحقق أهدافه المرجوة، لذا لم يكن غريبا أن تعمل الرؤية على تعزيز عملية تمكين المرأة السعودية، حتى تساهم ـ يداً بيد ـ بجانب أخيها الرجل، في تنمية المجتمع وازدهاره ونموه، ويتطلب هذا منحها الكثير من الحقوق والإمكانات التي تعزز من طبيعة الدور الذي يمكن أن تقوم به في المجتمع في كل المستويات.

وخلال مدة قصيرة جدا، تعاقبت القرارات الرسمية من ولاة الأمر، التي تشجع المرأة السعودية على إثبات الذات، وتسخير خبراتها وجهودها لصالح نفسها وأسرتها وبلدها، وتنوعت تلك القرارات بين قرارات تمنح المرأة حرية إدارة أعمالها بنفسها دون وكيل شرعي، وحرية الحصول على التصاريح اللازمة للدخول في مشاريع تجارية واستثمارية، وغيرها من القرارات المهمة، التي كانت حديث دول العالم.


وكان أكثر مكسب حصلت عليه المرأة السعودية قرار السماح لها ـ رسميا ـ بقيادة السيارة داخل المدن الكبيرة، واستثمار هذا القرار في خدمة نفسها "أولا"، ومراعاة أفراد أسرتها والحفاظ عليهم "ثانيا"، ومنحها الفرصة الكاملة لإثبات نفسها كمواطنة كاملة الأهلية، تمتلك من الحقوق والصلاحيات والمكتسبات، ما يمتلكه الرجل السعودي.

وحددت الحكومة الرشيدة الأحد المقبل بداية فعلية لقيادة المرأة السعودية للسيارة رسمياً، بعد قرار تاريخي أصدره خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز ـ يحفظه الله ـ وقد صدر أمر سامٍ باعتماد تطبيق أحكام نظام المرور ولائحته التنفيذية، بما فيها إصدار رخص القيادة، على الذكور والإناث على حد سواء، وهو ما تم الانتهاء منها مؤخراً، بعد تشكيل لجنة على مستوى عالٍ من وزارات الداخلية والمالية والعمل والتنمية الاجتماعية لدراسة الترتيبات اللازمة لإنفاذ ذلك.

وأثبتت الحاجة الفعلية أهمية قرار السماح للمرأة السعودية بقيادة السيارة، وأكدت العديد من الدراسات الميدانية واستطلاعات الرأي أن القرار، وإن كان تأخر عن موعده بعض الشيء، إلا أنه سيجلب المزيد من الفوائد والمزايا للأسرة السعودية، التي تستطيع اليوم أن تعتمد أكثر من ذي قبل، على جهود المرأة، للتخفيف على كاهل الرجل الذي كان يتولى القيام بكل كبيرة وصغيرة تخص أفراد أسرته، إذ تستطيع المرأة أن تشارك الرجل في تلك المسؤوليات، وقيادة السيارة وتلبية حاجات أسرتها، بعيدا عن السائق الأجنبي، الذي كان يستنزف جزءاً من دخل الأسرة في صورة رواتب وتأمين طبي وسكن وتذاكر طيران وخلافه، بخلاف اطلاعه على خصوصيات أفراد الأسرة.

ويؤكد المختصون أن قرار السماح للمرأة السعودية بقيادة السيارة، جاء للثقة الكبيرة من الحكومة الرشيدة في قدرات وإمكانات المرأة السعودية، وضرورة استثمار هذه القدرات، التي ظلت معطلة لعقود مضت، في صالح المجتمع بأكمله، مشيرين إلى أن انعكاسات هذا القرار، الاقتصادية والاجتماعية، ستظهر على خلال شهور قليلة من الآن، وأن الجميع سيدرك حجم الفوائد من وراء قيادة المرأة للسيارة، وانعكاس ذلك على إيجاد وظائف كثيرة للسعوديات، هذه الوظائف كانت متوقفة على تأمين بند المواصلات.

وعاد المختصون ليعلنوا أن المرأة السعودية، لا تقل في إمكاناتها وقدراتها الذاتية عن المرأة في بقية دول الخليج أو الدول العربية أو العالم، وأنها متعطشة لتأكيد جدارتها وريادتها، كسيدة أعمال أو موظفية أو سيدة منزل أو طالبة، مشيرين إلى أن القرار لا يعني فقط أن تجلس المرأة خلف مقود السيارة، وتسير بالمركبة في الطرق والشوارع، وإنما يعني أن المجتمع بأكمله، بما فيه القيادة الرشيدة، يثق في المرأة السعودية، ويثق في قدرتها على العطاء والتميز والانفراد في كل شأن يفيدها ويفيد بلدها.

أخبار قد تعجبك

No stories found.
صحيفة سبق الالكترونية
sabq.org