"عيد بأية حال عدت يا عيد!".. تاريخي واستثنائي وصناعة الفرح بلا حدود

"كورونا".. يفرض التباعد الاجتماعي و"لمة" الأسرة كما لم تكن من قبل
"عيد بأية حال عدت يا عيد!".. تاريخي واستثنائي وصناعة الفرح بلا حدود

يحلُّ عيد الفطر المبارك لهذا العام 1441هـ وسط أجواء استثنائية؛ وذلك بعدما ألقت مخاطر فيروس كورونا المستجد بظلالها على مناحي وأشكال الحياة كافة في أغلب بقاع العالم، وفرضت التزامات معينة لتفادي الإصابة بهذه الجائحة التي لم يتوافر لها علاج أو لقاح حتى كتابة هذه المادة.

وقبل أيام من حلول العيد استذكر الكثيرون بيت الشعر العربي الشهير: (عيد بأية حال عدت يا عيد *** بما مضى أم بأمر فيك تجديد). فهذا العيد سيكون داخل المنازل وسط تعليمات في غاية الأهمية، ما بين منع التجمعات، والتباعد الاجتماعي، وغياب الزيارات؛ وهو ما يجعل هذا العيد سيتشبث بالذاكرة ربما لزمن طويل.

روح التفاؤل

غير أن روح التفاؤل تؤكد أن روح العيد الحقيقية ستبقى موجودة، بل ستكون أكثر عمقًا داخل كيان الأسر في المنازل، ومع الكثير من التسهيلات الممنوحة فيما يخص الحصول على المستلزمات، إضافة لتفاعل الجهات المعنية في تطبيق روح الإسلام المتسامحة، ومن ذلك الصلاة في المنازل حتى إقامة صلاة العيد داخل المنازل؛ إذ أفتى سماحة المفتي العام للسعودية بجواز أدائها داخل المنزل. كل ذلك إضافة إلى أن هذا الحجر المنزلي سيمنح أفراد الأسرة أجواء رائعة، ويتسابق أبناؤها في توفير أشكال الترفيه الممكنة داخل المنزل، بعدما فرض الوضع بقاء كل أفراد الأسرة في مكان واحد، ولوقت أطول من المعتاد.

ومع التطور الكبير في وسائل التواصل، وخصوصًا مواقع التواصل الاجتماعي، ستبقى فرحة العيد عارمة كما هي، وربما أكثر، بل سيمكن استحضار كل العادات والتقاليد بأشكال مختلفة، سواء في إعداد الأكلات الشعبية، ومشاهدة الرقصات التقليدية القديمة والحاضرة، وغيرها من مظاهر العيد.

نعمة عظيمة

وفي التاريخ الإسلامي فإن العيدين هما من نعم الله -عز وجل- على المسلمين. ومن معانيهما العميقين تحقيق معنى الشكر لله، وسؤاله قبول العمل الصالح، واستشعار الفرح والسرور بين جميع المسلمين.. وهو سلوك إنساني قويم ونبيل في أعلى درجاته.

والعيد في سياق معناه في الإسلام هو تقوية الصلاة، وتمتين العلاقات، وتعزيز روح التسامح، ورفض الكراهية.. وهي جماليات أيضًا تستدعي تفقُّد أحوال غير المقتدرين، والتعاطف معهم، والتعاون لمساعدتهم.

ضوابط من أجل الجميع

وهذا العيد الاستثنائي بمعانيه السامية يقتضي -بلا شك- العمل بجدية على الالتزام بالتعليمات الرسمية وفق ما ذكره المتحدث الرسمي لوزارة الصحة: "يجب أن يظل الالتزام هو السمة العامة للسعوديين، بأن يأتي عيد الفطر المبارك بفرحته وبركته بينما يمكن لمجتمعنا الابتهاج بتطبيق الضوابط الصحية، بأن نقترب بمودتنا وقلوبنا وتواصلنا دون حدوث تجمعات، ودون كسر طرق الوقاية. المجتمع السعودي أثبت قدرته على التعامل مع الخطوات الجادة من قِبل الدولة بشكل إيجابي".

صناعة الفرح

ومع ذلك، فالعيد يبقى حاضرًا في القلوب والسلوك، وليس له علاقة اشتراطية بالمظاهر الجماعية. كما أن صناعة الفرح في العيد من خلال دعم أصحاب الحاجة في المجتمع قد فتحت قنوات رسمية موثوقة، مثل (فرجت) و(المنصة الوطنية للتبرعات) التي أطلقتها وزارة الموارد البشرية والتنمية الاجتماعية، وغيرهما مما يعطي صناعة الفرح أبعادًا كبيرة أمام كل فرد من أفراد هذا الوطن المعطاء.

الفرح يُصنع.. والقلوب أكثر بهجة بعيد المنازل، والعيد أكبر من حصره في زينة أو مساحة معينة. العيد كالوطن الغالي، لا يمكن أن يؤطر بعبارات تهنئة أو بمظاهر حب. نعمة عظيمة أن يأتي العيد ليجمع الأسرة كما لم يجمعها من قبل. نعمة عظيمة أن يأتي العيد والوطن في أحسن حال. الشكر لله على قيادة عظيمة، ووطن آمن، وشعب وفي.. كل عام وأنتم بخير، وكل عام والوطن بألف خير.

أخبار قد تعجبك

No stories found.
صحيفة سبق الالكترونية
sabq.org