أكد ولي العهد الأمير محمد بن سلمان في مؤتمر صحفي بقصر الإليزيه مع الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون أن الشراكة السعودية-الفرنسية مهمة للغاية خاصة في هذا الوقت، مبيناً أن هناك مشاريع هدامة في الشرق الأوسط أبرزها الخطر الإيراني الذي ينطلق من أيديولوجية توسعية وإيران تدعم الإرهاب عبر تمويل ميليشيات حزب الله والحوثيين ورعاية قادة تنظيمات مثل "القاعدة" فهي لم تستثمر الأموال لازدهار الشعب وإنما لنشر الأيديولوجيا.
وطلب ولي العهد الأمير محمد بن سلمان من الرئيس الفرنسي ألا يغضب وأن يحسن الظن فيما سيقوله، حيث قال ولي العهد: لا يجب تكرار اتفاق عام 1938 الذي تسبب بحرب عالمية ثانية، وهي الاتفاقية التي وافقت عليها القوى العظمى لإشباع أطماع هتلر التوسيعة ، والتي تشبه الأطماع التي يسعى لها النظام الإيراني الذي ينطلق من أيديولوجية توسعية.
يشار إلى أن الاتفاقية التي وقعت في عام 1938م هي معاهدة ميونخ وهي اتفاقية وفقاً لويكبيديا تمت في ميونيخ في 30 سبتمبر 1938م بين ألمانيا النازية وبريطانيا وفرنسا وإيطاليا حيث وافقت القوى العظمى على إشباع أطماع أدولف هتلر التوسيعة في أوروبا، وكانت نتيجة هذه المعاهدة تقسم تشيكوسلوفاكيا بين كل من ألمانيا وبولندا والمجر، وتذرع هتلر بحجة المواطنين الألمان الذين يعيشون في المناطق الحدودية الفاصلة بين تشيكوسلوفاكيا وألمانيا في منطقة السوديت على وجه التحديد، والذين يمثلون غالبية سكان هذه المنطقة.
ونصت الاتفاقية على قبول بريطانيا وفرنسا طلب ألمانيا بضم أحد أقاليم تشيكوسلوفاكيا وكانت الاتفاقية تختص بمنطقة سوديتنلاند في تشيكوسلوفاكيا التي كان يقطنها 800 ألف تشيكي و 2,800,000 شخص من أصل ألماني و كانت مساحة هذه المنطقة حوالي 28,500 كم² وتضم أغلب المراكز الصناعية والاتصالات والمراكز العسكرية والدفاعات الطبيعية الحيوية في تشيكوسلوفاكيا وتضمنت المعاهدة وعدًا من ألمانيا بإنهاء توسُّعاتها العدوانية، واعتبرتها بريطانيا وفرنسا محاولة لتجنب الحرب. ولكن ألمانيا نقضت الاتفاقية وجرَّت أوروبا نحو بداية الحرب العالمية الثانية (1939 - 1945م).
وسمحت هذه المعاهدة لألمانيا بضم إقليم سوديتنلاند، وفي المقابل وعد هتلر بأن تكون سوديتنلاند آخر منطقة يطالب بها في أوروبا. كما تضمَّنت الاتفاقية تكوين لجنة دولية للإشراف على الاحتلال وإقامة انتخابات في مناطق النزاع الأخرى، وضمان مشترك لاستقلال تشيكوسلوفاكيا بعد تقليصها وتعديل طلبات كل من بولندا والمجر. لم يُنَفّذ بالفعل إلا البندان الأول والأخير من الاتفاقية وقد وضَح في البداية أن اتفاقية ميونيخ، ستُجنب أوروبا الحرب، وذكر تشمبرلين للجماهير المهللِّة في إنجلترا أنه السلام بشرف والسلام في عصرنا.
بعد ستة أشهر فقط من توقيع المعاهدة، نكث هتلر وعده وأمر الفيرماخت بالاستيلاء على بقية تشيكوسلوفاكيا فقد الاتحاد السوفييتي ثقته في قدرة بريطانيا وفرنسا على حفظ السلام وعقد اتفاقًا مع ألمانيا، لتجنُّب الحرب واعتقد هتلر أن بريطانيا وفرنسا لن تلتزما بتعهدهما بحماية بولندا، فشنَّ هجومًا عليها في سبتمبر عام 1939م. بعد اربعة أيام من الهجوم على بولندا أعلنت بريطانيا ثم فرنسا الحرب على ألمانيا وبدأت الحرب العالمية الثانية وأصبحت اتفاقية ميونخ مثالاً لسياسة الاسترضاء والتنازل. وبعد اتفاقية ميونيخ صار إبرام الاتفاقيات مع الدول العدوانية دعوة للحرب وليست سببًا لمنعها وما زالت بعض هذه الاتفاقيات تسمَّى ميونيخ أخرى.
يذكر أن الأمير محمد بن سلمان قال ضمن حوار سابق مع الصحفي جيفري غولدبيرغ" أنه في العشرينيات والثلاثينيات، لم ينظر أي أحد إلى "هتلر" باعتباره خطراً، مجرد عدد قليل من الناس، إلى أن حدث ذلك. نحن لا نريد أن نرى ما حدث بأوروبا يحدث في الشرق الأوسط. نريد إيقاف ذلك عبر التحركات السياسية، والاقتصادية، والاستخباراتية.. نريد تجنب الحرب.