شهدت الأيام الأربعة الأخيرة تفاعلاً ضخماً من وسائل الإعلام العالمية مع تقرير صحيفة "صنداي تايمز" البريطانية، الذي نُشر يوم السبت الماضي، فيما يخص فضيحة قطرية، عبر الحيل والألاعيب التي استخدمتها الدوحة، كي يفوز ملفها باستضافة مونديال 2022 على حساب منافسيها، وخصوصاً أستراليا والولايات المتحدة، باستخدام عملاء سابقين في وكالة "سي آي أيه" وشركة علاقات عامة لنشر تقارير صحفية تقلل من الجدوى الاقتصادية لإقامة المونديال بإحدى هاتين الدولتين؛ حتى يقتنع الأمريكيون والأستراليون بأنهم لن يستفيدوا شيئاً من استضافة الحدث الرياضي البارز، في خرق صريح لقوانين الاتحاد الدولي لكرة القدم "فيفا"، التي تمنع "الإدلاء بتصريحات ضد أو لصالح ملف المنافسين أو أي أعضاء في الاتحادات المنافسة".
"فيفا" والدليل
ونشرت الصحف البريطانية تصريحات لورد تريزمان، رئيس مجلس إدارة اتحاد الكرة الإنجليزي السابق، رئيس ملف إنجلترا لاستضافة مونديال 2022، التي طالب فيها "فيفا" بالتدخل وقال: "فيفا ملزمة بالتدقيق في الدليل الذي تملكه الصحيفة بشكل سريع وشفاف، وعلى الاتحاد الدولي لكرة القدم اتخاذ قرار قد يكون صعباً".
وتابع "تريزمان": "إذا ثبت أن قطر خرقت لوائح فيفا، فيجب ألا تستضيف النهائيات، أعتقد أن الرجوع عن الخطأ فضيلة، وإنجلترا تمتلك القدرة والملاعب لاستضافة الحدث".
ووفق ما نشرته صحيفة "الخليج" الإماراتية اليوم الثلاثاء، فقد دعا عضو البرلمان البريطاني داميان كولينز، رئيس مجلس إدارة لجنة الثقافة والإعلام والرياضة، لفتح تحقيق "نظيف ومستقل" فيما يخص الاتهامات الأخيرة، وقال "كولينز" في تصريح لراديو 5 المباشر على "بي بي سي": "التقيت بمصدر الوثائق بنفسي، وشاهدت الأدلة التي قدّمها، أعتقد أن هذه التطورات خطيرة وهناك حاجة لفتح تحقيق نظيف ومستقل؛ إذا خرق القطريون اللوائح يجب أن يعاقبوا"، وتتضمن هذه العقوبات غرامات أو فقدان حق الاستضافة.
أستراليا على الخط
كما طالب أستراليون بسحب ملف استضافة مونديال 2022 من قطر، وقال المتحدث الرسمي باسم اتحاد الكرة هناك إن الاتحاد يراقب التهم الجديدة لملف قطر، وأضاف: "لقد لاحظنا التفاصيل التي نشرتها صنداي تايمز، من الصعب التعليق حالياً دون الحصول على مزيد من المعلومات حول التهم، لكننا سنراقب التطورات في الأيام القليلة المقبلة".
وعلق نجم منتخب أستراليا السابق روبي سالتر بقوله: "لا يوجد أي سبب يمنع أستراليا من استضافة كأس العالم، يجب أن يقدم إلينا، ولا فرصة لنا في الفوز باستضافة أخرى مع كل هذا الفساد المالي، الذي شاب استضافة ملف 2022"، وتفاعل الأستراليون وكتب أحدهم على "تويتر": "فيفا يجب أن يتصرف بسرعة، ويسحب الملف من قطر ويهديه لأستراليا"، وكتب آخر: "قطر ستستضيف مونديال هزلياً، أستراليا تستحق الفوز بملف 2022 ولدينا ملاعب مهيأة".
إيميل "صنداي تايمز"
صحيفة "صنداي تايمز" نشرت "إيميل" من مايكل هولتزمان، رئيس العلاقات بشركة بي إل جاي للعلاقات العامة، الذي كان يعمل في ملف قطر 2022 مرسلاً إلى أحمد نعيمة، مستشار في فريق ملف قطر بتاريخ 17 مايو 2010، تحت عنوان "استراتيجية" كتب: "في الأشهر الـ4 الأخيرة نظمنا حملة مكثفة لتقويض ملفات الدول المنافسة لنا، خصوصاً أستراليا والولايات المتحدة".
ووفقاً لـ"صنداي تايمز"، قال "هولتزمان": إن هذه الحملة تضمنت تجنيد صحفيين، وكتاب مدونات "بلوجرز"، وشخصيات مشهورة في كل سوق، لطرح تساؤلات عن جدوى الاستضافة والترويج للجوانب السلبية في وسائل الإعلام.
العشرات من المقالات نشرت في الولايات المتحدة وأستراليا، ووسائل الإعلام العالمية، التي أخجلت أو قوّضت ملفات الترشح، وجعلت من رؤساء هذه الملفات مجرد مدافعين عنها، وتم نشر تقارير مفصلة ودراسات وتشريعات ضربت في مقتل جميع تفاصيل كل ملف، لقد قدمنا بعض التقارير الاستخباراتية العميقة، عن أفراد بعينهم تم استخدامهم داخلياً لصالح الملف"؛ أي ملف قطر.
ويتابع "هولتزمان" في الإيميل: "لدينا مجموعة من الطلبة الهواة في الرجبي في ملبورن أستراليا، الذين سيبدؤون بالظهور في مباريات الدوري ويرفعون لافتات "ارفعوا أيديكم عن الرجبي، قولوا لا لكأس العالم في يونيو".
مؤامرة نشر "السم"
ونشرت صحيفة "التليجراف" من جانبها تحت عنوان: "أعضاء مجلس فيفا يطالبون بدليل حول مزاعم فساد ملف قطر 2022" وكتبت: "طالب العديد من أعضاء فيفا، لجنة الأخلاق في الاتحاد الدولي لكرة القدم، بالاطلاع على الأدلة التي تملكها صنداي تايمز، والتي تعد خرقاً فاضحاً لقوانين فيفا في عدم التدخل أو التصريح في ملفات الدول المنافسة".
قطر هزمت منافسيها؛ الولايات المتحدة، وأستراليا واليابان وكوريا الجنوبية في 2010، وحصلت على حق الاستضافة قبل 8 سنوات، ومنذ ذلك الحين والأسئلة حول استضافتها لا تتوقف، "تليجراف" اتصلت بعدد من أعضاء مجلس "فيفا"، وقالوا إنهم سيطلبون من لجنة الأخلاق طلب الأدلة من "صنداي تايمز"، وسط مطالبات بتحقيق "نزيه ومستقل" في مجلس العموم البريطاني.
المسؤولون، الذين لم يرغبوا بكشف أسمائهم، توقعوا أن التهم الأخيرة سلطت الضوء من جديد على حجم ما فعلته الدولة الصغيرة من جهود لضمان الاستضافة، وإحدى رسائل الإيميل المرسلة إلى رئيس ملف قطر علي الذاودي، تظهر أن قطر كانت على علم بمؤامرة نشر "السم" ضد أكبر منافسيها.
وعبرت وسائل إعلام بريطانية، أمس الاثنين، عن استيائها من التقارير التي كشفت عنها صحيفة "صنداي تايمز"، وفضحت أساليب قطر الملتوية في الحصول على حق استضافة فعاليات مونديال 2022، عبر تشويه منافسيها لاستضافة البطولة.
حقائق حملة التشويه
وعبّر موقع هيئة الإذاعة البريطانية عن استيائه التام من التقارير التي كشفت الخطوات التي اتخذتها قطر؛ من أجل تشويه ملفات الدول الأخرى التي نافستها في استضافة الحدث العالمي، واستعرضت عدداً من حقائق حملة التشويه التي قادتها قطر:
تلقى شخص أكاديمي مرموق مبلغ 9 آلاف دولار أمريكي لكتابة تقرير سلبي عن الآثار الاقتصادية لاستضافة أمريكا فعاليات كأس العالم 2022، وهو التقرير الذي نشرته العديد من وسائل الإعلام العالمية.
تم توظيف الكثير من الكتّاب الصحفيين والشخصيات العامة في الدول التي كانت مرشحة مع قطر، لتسليط الضوء على الآثار السلبية لاستضافة بلدانهم فعاليات كأس العالم.
قامت قطر برشوة مجموعة من مدرسي الرياضة البدنية في الولايات المتحدة؛ لكي يطلبوا من أعضاء الكونجرس الأمريكي معارضة فكرة استضافة الولايات المتحدة لكأس العالم، بحجة أن الأموال التي سيتم صرفها على الفعالية من الأولى أن يتم صرفها على الأنشطة الرياضية في المدارس الثانوية.
مولت قطر عدداً من التظاهرات التي خرجت في أستراليا ضد استضافة الدولة لكأس العالم 2022.
فضيحة عالمية
وقالت صحيفة "إيفنينج ستاندرد" البريطانية إن إنجلترا ستكون الخيار الأنسب إذا ما أجرى "فيفا" تحقيقاً يؤدي إلى سحب حق تنظيم كأس العالم من قطر، مشيرة إلى أن الوثائق التي تم الكشف عنها تعتبر دليلاً واضحاً يدين قطر ويفضحها أمام العالم.
بريطانيا جاهزة
من جانبها، قالت "ذا صن" البريطانية، إن الفضيحة الأخلاقية التي كشفتها الوثائق يجب أن تلفت انتباه "فيفا" لاتخاذ إجراءات صارمة أقلّها سحب تنظيم الفعالية من قطر، والبحث عن دول أخرى، مشيرة إلى أن إنجلترا مستعدة تماماً لاستضافة الحدث الرياضي الأكبر عالمياً.