يحرص خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز وسمو ولي عهده الأمير محمد بن سلمان، على تعزيز تاريخ البلاد، منذ تأسيس الدولة السعودية الأولى قبل 3 قرون مضت.. ويُعتبر هذا التوجه امتدادًا أصيلًا وطبيعيًّا لتاريخ المملكة العربية السعودية؛ وهو الأمر الذي يثمر عن الحفاظ على تفاصيل هذا التاريخ وتوثيقه في الكتب والعقول والقلوب. وجهودُ الملك وولي عهده في هذا المسار كبيرة وواضحة، وخاصة ما يوليانه من عناية فائقة بالمصادر التاريخية الحقيقية والموثوقة.
ولعل في استحضار يوم تأسيس الدولة السعودية الأولى، فوائد وإيجابيات كثيرة، لا تُعد ولا تحصى، تتركز في التعريف بتاريخ السعودية الضارب في جذور التاريخ، وهو تاريخ حافل بالبطولات، والحركات الوحدوية والنزعة الإسلامية، التي مهدت الطريق لوضع ثوابت ومبادئ قامت عليها الدولة السعودية الأولى، ثم الثانية، ثم الثالثة، ولا يتجزأ تاريخ كل دولة عن تاريخ الدولتين الأخريين.
يوم التأسيس
ويعكس احتفاء المملكة العربية السعودية بيوم التأسيس -اعتبارًا من هذا العام- حرص الدولة على تقدير جميع الرموز التي ساهمت في بناء هذا الكيان؛ ليس على مستوى حقبة المملكة الثالثة الحالية؛ وإنما على مستوى حقبتي الدولة السعودية الأولى، ومن بعدها الدولة الثانية، وإظهار الجهود التي بذلها الآباء والأجداد حربًا وسلامًا، حتى تبصر كل دولة النور.
رحلة بناء
ولا يمكن الاحتفاء بيوم التأسيس، دون تسليط الضوء على تاريخ ومسيرة الإمام محمد بن سعود الذي يرجع الفضل له في تأسيس الدولة السعودية الأولى، من خلال تفاصيل قصة انطلاقه من الدرعية، في رحلة بناء دولة عظيمة، شكّلت واحدة من أهم المشاريع الوحدوية لم تعرفها الجزيرة العربية منذ قرون طويلة.
إمارة الدرعية
ويشير اسم الإمام إلى تسلسل نسبه؛ فهو الإمام محمد بن سعود بن محمد بن مقرن بن مرخان بن إبراهيم بن موسى بن ربيعة بن مانع بن ربيعة المريدي، مؤسس الدولة السعودية الأولى، والحاكم الثاني من أسرة آل سعود من بعد والده سعود الأول، وأمير إمارة الدرعية الخامس عشر بعد الأمير زيد بن مرخان بن وطبان، تولى الإمارة بعد وفاة أبيه الأمير سعود الأول.
نظام اقتصادي
ولعبت الدولة السعودية الأولى منذ قيامها، دورًا كان له آثار بعيدة في التغير الذي أصاب شبه الجزيرة العربية في مختلف ميادين الحياة سياسيًّا واقتصاديًّا واجتماعيًّا وثقافيًّا؛ حيث لم توحّد الكيانات النجدية الصغيرة فقط؛ بل امتد نفوذها إلى معظم أجزاء شبه الجزيرة العربية، وهددت كلًّا من العراق والشام، وظلت تتسع حتى سقطت الدرعية في عام 1818.
وأحدثت الدولة السعودية الأولى نظامًا اقتصاديًّا قائمًا على الشريعة الإسلامية، كان له أثر بعيد على سكان المناطق التي خضعت لنفوذها ونظمت أمور هذه المناطق الاقتصادية والمالية. ونجحت في إقامة مجتمع مترابط اجتماعيًّا طيلت فترة سيادتها. وقد شجع حكام الدولة السعودية الأولى العلم والعلماء، وإحياء العلوم الشرعية.
تكامل الأحداث
ومن إيجابيات الاحتفاء بيوم التأسيس أيضًا، أنه يرسم ملحمة بطولية كبرى، ويستكمل أحداث التاريخ القديم ومشاهده التي تتكامل فيما بينها، مُشَكِّلةً مسيرة الأجداد والآباء على مدى 3 قرون مضت، وصولًا إلى البطولات التي سطرها الملك المؤسس عبدالعزيز بن عبدالرحمن، فهذا التاريخ يستحق أن يعرفه كل مواطن ومواطنة، وأن تنقل أحداثه إلى البشرية، التي ينبغي أن تعي جهود الممالك الثلاثة في إعادة صياغة جزيرة العرب، وفي بناء المملكة العربية السعودية على ثوابت اجتماعية وسياسية ودينية راسخة حتى يومنا هذا، وكيف نهضت هذه البلاد بهذه السرعة الفائقة، وهي تجربة فريدة، تستحق التدويل والانتشار.