أكد تحذير صندوق النقد الدولي، أمس الخميس، من أنه يتوجب على دول الخليج التي تعتمد بشدة على إيراداتها النفطية، القيامُ بإصلاحات أعمق، أو المخاطرة برؤية ثرواتها تتلاشى خلال 15 عامًا، مع تراجع الطلب العالمي على النفط وانخفاض الأسعار، بأن المملكة العربية السعودية كان لها استشراف للمستقبل أو ما يعرف باستقراء المستقبل في إطلاقها لرؤية السعودية 2030، وهي خطة ما بعد النفط للمملكة قبل التحذيرات التي أطلقها صندوق النقد الدولي بـ4 سنوات.
وقال الصندوق في معرض بيانه أمس حول دراسة "مستقبل النفط والاستدامة المالية" في المنطقة: إنه "في الموقع المالي الحالي؛ فإن ثروة المنطقة المادية قد تُستنزف بحلول 2034". ولا تملك دول الخليج التي طالما اعتمدت بشدة على "الذهب الأسود" الذي كان له الفضل في إثرائها لعقود؛ أيَّ خيار سوى تسريع وتوسعة الإصلاحات الاقتصادية؛ تجنبًا لأن تصبح مقترضة صافية".
وبالعودة إلى الأرقام المنشورة في ميزانيات المملكة خلال الأربع سنوات الماضية، والتي تبوأت فيها السعودية مراتب إيجابية متعددة على صعيد الإصلاحات الاقتصادية والهيكلية في تأكيد قوة زخم الإصلاحات في ظل رؤية المملكة 2030 حرصت على تنويع الاقتصاد والحفاظ على استدامة أوضاع المالية العامة؛ حيث قفزت الإيرادات غير النفطية قفزات كبيرة في ٢٠١٦.
وشكّلت الإيرادات غير النفطية في العام المالي ٢٠١٧ رقمًا جديدًا؛ إذ بلغت ما يزيد على 200 مليار ريال سعودي، وارتفعت الإيرادات غير النفطية خلال عام 2017، بنسبة 29% نحو 57 مليار ريال عن مستوياتها عام 2016، وكشفت أرقام الميزانية السعودية خلال العام 2018، مواصلة ارتفاع الإيرادات غير النفطية؛ لتسجل ما يقارب 287.3 مليار ريال سعودي بارتفاع 31.7 مليار ريال وبنسبة زيادة 12.4% عما تَحقق في عام 2017، ووصف خبراء اقتصاديون هذا الارتفاع بالقوي حيث جاءت هذه النتائج لتتجاوز توقعات الصندوق الدولي نفسه بما يعادل 28 مليار ريال.
وسجلت الإيرادات غير النفطية في ميزانية السعودية خلال عام 2019، مستوى قياسيًّا بنحو 315 مليار ريال، وتشير البيانات التي قدّمتها وزارة المالية عن الإيرادات غير النفطية في عام 2020، إلى مواصلة ارتفاعها عن العام السابق؛ حيث بلغت 320 مليار ريال، ويعكس ارتفاع نسبة الإيرادات غير النفطية أن الدولة أدركت منذ وقت مبكر ضرورة عدم الاعتماد على النفط؛ مما دفعها إلى تنويع مصادر الدخل.
يُذكر أنه عقب زيارة بعثة خبراء صندوق النقد الدولي للمملكة منتصف شهر مايو من العام 2019م لمشاورات المادة الرابعة خلال شهر (مايو 2019م)، قالت في معرض بيانها لها: إن الإصلاحات الاقتصادية في المملكة حققت نتائج إيجابية، وتعافي الاقتصاد غير النفطي؛ مما أسهم في تحسّن نتائج الاقتصاد في العام 2018، وتوقعاته بأن يتسارع النمو الاقتصادي غير النفطي الحقيقي بنسبة 2.9% في العام 2019، وأن زيادة الإنفاق الحكومي وتنفيذ الإصلاحات دعَمَا النمو الاقتصادي.
ويأتي ارتفاع الإيرادات غير النفطية في عهد خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز -يحفظه الله- الذي يزدهر اقتصادًا وتطورًا؛ وهو ما يؤكد حديث قائد الرؤية الطموحة سمو ولي العهد الأمير محمد بن سلمان -يحفظه الله- الذي كشف عن عزم المملكة العربية السعودية إقالة دستورية البترول، بعدما خضعت لها السعودية على مر عقود من الزمن، واعتمد عليها في تلك العقود بنسبة تزيد على 90% في تسيير شؤون الدولة في الأوجه كافة. والحل هو الاعتماد على موارد أخرى، تعالج السعودية من حالة الإدمان النفطي.