السعودية وكوريا الجنوبية .. نصف قرن على طريق التوافق والتآلف

زيارات متبادلة على أعلى المستويات عززت العلاقات
السعودية وكوريا الجنوبية .. نصف قرن على طريق التوافق والتآلف

على الرغم من أن العلاقات بين المملكة العربية السعودية وكوريا الجنوبية، كانت قد شهدت انتعاشًا ملحوظًا في العقدين الأخيرين، إلا أنها في عهد خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز آل سعود بلغت آفاقًا شامخة من القوة والتوافق والترابط، الذي انعكس إيجابيًا على العلاقات في جميع المجالات.

ونشأت العلاقات بين "الرياض" و"سيئول" عام 1962م، ومنذ هذا التاريخ، وهي تشهد مزيدًا من التطورات الإيجابية المتسارعة، بسبب التنسيق السياسي والاقتصادي المستمر بين قيادتي البلدين الصديقين، تجاه مختلف القضايا الدولية ذات الاهتمام المشترك، فضلاً عن اتسامها بالثبات والاستقرار والنمو الجيد المستمر.

وتوجت زيارة الرئيسة الكورية السيدة "بارك كون هيه"، للمملكة في عام 2015، العلاقات السياسية والاقتصادية والثقافية بين البلدين، تلك الزيارة تعد الأولى لرئيسة كوريا إلى السعودية، حيث التقت خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز آل سعود - حفظه الله - تدعيمًا لما يوليه البلدان من أهمية خاصة لعلاقاتهما الإستراتيجية، والحرص على زيادة أواصر التعاون بينهما من خلال تكثيف الزيارات الرسمية المتبادلة على مختلف المستويات.

توطيد العلاقات
وكان خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز آل سعود - حفظه الله - قد التقى بارك كون هيه على هامش أعمال قمة العشرين، التي استضافتها مدينة بريسبن الأسترالية، حين كان وليًا للعهد، نائبًا لرئيس مجلس الوزراء وزيرًا للدفاع، ورئيسًا لوفد المملكة في القمة.

وعبّر ذلك اللقاء عن الرؤية الدبلوماسية العميقة للملك سلمان بن عبدالعزيز - أيده الله - نحو توطيد علاقات الصداقة مع دول مجموعة العشرين ذات الثقل الاقتصادي العالمي، ومنها كوريا الجنوبية، التي تربطها علاقة متينة مع المملكة، امتدت لخمسة عقود، فيما أكدت الرئيسة الكورية خلال اللقاء، اهتمامها الكبير بتعزيز علاقات الشراكة والتعاون مع المملكة.

كما عزز لقاء القمة بين خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز آل سعود، والسيدة بارك كون هيه، مسيرة العلاقات التاريخية بين البلدين المبنية على أسس الاحترام المتبادل، والتفاهم المشترك لكل ما من شأنه دفع علاقات الصداقة بينهما إلى مستويات أرحب.

أول زيارة
وقبل عهد الملك سلمان، تبادل المسؤولون في البلدين زيارات رفيعة، حيث قام خادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله بن عبد العزيز ـ يرحمه الله ـ عندما كان وليًا للعهد، بزيارة إلى كوريا الجنوبية تركزت على تعزيز وتطوير الشراكة بين البلدين، حيث كانت أول زيارة لمسؤول سعودي كبير لكوريا منذ إقامة العلاقات بين البلدين، صدر عن هذه الزيارة بيان مشترك، أكد أهمية مواصلة تطوير التبادل التجاري والاستثماري بين البلدين، كما أبدى الجانب الكوري رغبته لزيادة التعاون في مجالات عدة مثل المياه والكهرباء والمقاولات والعمالة وغيرها.

ومن الزيارات التي قام بها الجانب الكوري الجنوبي إلى المملكة الزيارة التي قام بها الرئيس "تشي كيوها" في العام 1980، والتي استمرت يومًا واحدًا.

وأبرمت المملكة وكوريا الجنوبية خلال مسيرة علاقاتهما المتميزة، عددًا من الاتفاقيات الاقتصادية والاستثمارية المشتركة بين الشركات السعودية والكورية، إضافة إلى تبادل الخبرات في المجالات الثقافية، والرياضية، وتنظيم زيارات الوفود الشبابية بين البلدين.

النفط والإنشاءات
تركزت العلاقات الثنائية بين البلدين، في بدايتها على المجالات الاقتصادية الخاصة بقطاعي النفط والإنشاءات، ثم تطورت عبر السنين، لتشمل مجالات الثقافة، والأغذية، والصحة، والتجارة، والصناعة، والطاقة المتجددة والذريّة.

وتردد أن حجم التبادل التجاري بين المملكة وكوريا الجنوبية قفز إلى أكثر من 85 % خلال السنوات الثلاث الماضية، وأسهمت الفعاليات السياسية والاقتصادية والثقافية والرياضية والزيارات المتبادلة بين الجانبين، في تحقيق المزيد من التقدم والتطور في علاقات البلدين، والوصول لأعلى قدر من التجانس والتنسيق السياسي تجاه مختلف القضايا الثنائية والدولية ذات الاهتمام المشترك.

تطوير العلاقات
تطورت العلاقات بين البلدين بشكل مطّرد، حتى تم افتتاح سفارة لكوريا الجنوبية في مدينة جدة عام 1972. ثم أخذت العلاقات بين البلدين مسارًا سلميًا عبر قنوات دبلوماسية، ومنذ ذلك الحين والعلاقات تسير بشكل جيد، وخصوصًا فيما يتعلق بالمجال الاقتصادي والتجاري، حيث تعد كوريا الجنوبية من أكبر الدول المستوردة للنفط، إضافة إلى عددٍ من الصادرات الأخرى، وتصدر كوريا الجنوبية للمملكة سلعًا ومنتجات مثل المواد الصناعية والسيارات والأنسجة وغيرها.

في عام 2012م احتفل البلدان بذكرى خمسين عامًا على إقامة العلاقات الدبلوماسية بين البلدين. وتم توقيع اتفاق بين البلدين أواخر العام 2011م بشأن التعاون في مجال تطوير الطاقة النووية، وشمل الاتفاق التعاون في مجالات البحث والتطوير وبناء محطات للطاقة النووية بالإضافة إلى مجالات التدريب والأمان.

يُذكر أن كوريا الجنوبية وعاصمتها "سيئول" تقع في شبه الجزيرة الكورية التي تمتد 1100 كيلومتر، من الشمال إلى الجنوب في الجزء الشمالي الشرقي من قارة آسيا، وتضم 3200 جزيرة، بما في ذلك جزيرة جيجودو، أوليونغدو، ودوكدو.

وتبلغ مساحتها الإجمالية لكوريا 223170 كيلومترًا مربعًا، 45 % منها أراضٍ زراعية، بما في ذلك الأراضي المستصلحة من البحر، فيما تغطي التضاريس الجبلية نحو ثلثي المساحة، وتمتاز بوجود عددٍ من الجبال والأنهار، والجداول، ويبلغ عدد سكان كوريا الجنوبية 50 مليون نسمة، منهم 140 ألف مسلم.

أخبار قد تعجبك

No stories found.
صحيفة سبق الالكترونية
sabq.org