ساعات قليلة تفصلنا عن بدء تنفيذ القرار التاريخي بالسماح للنساء بقيادة السيارات، وهو القرار الذي أثلج صدور العقلاء من الجنسين لما فيه من فوائد اقتصادية واجتماعية ستُجنى ثمارها فور بدء التطبيق.
التغيير والتقدم الذي تعيشه المملكة في عددٍ من القطاعات والمجالات هو الذي حتم خروج هذا القرار إلى النور، فمع تزايد سرعة التقدم في القطاعات السياسية والاقتصادية والاجتماعية، أصبح من الضروري توسيع مشاركة المرأة وتمكينها بشكل أكبر، فالأمر تخطى مجرد قيادة المرأة للسيارة إلى ما هو أبعد من ذلك؛ إذ أنه بإمكان النساء الآن مزاولة الأعمال التجارية بحرية، والالتحاق بقطاعات عمل جديدة لم تكن ممكنة أبداً في ظل عد السماح لهن بالقيادة.
الأهم من ذلك أنه أصبح بإمكان المرأة الاعتماد على نفسها كلياً؛ لمواجهة أي ظروف طارئة قد تعتريها، أو تعتري أسرتها، فالأمر لم يعد ترفاً، ففي حال تعرض أحد أفراد الأسرة لمكروه – لا قدر الله – فسيكون بإمكانهم الاعتماد عليها. وأثبتت التجربة قدرة النساء السعوديات على التعامل مع المواقف الصعبة التي حدثت لهن، واستطعن قيادة السيارات بعد حدوث ظروف طارئة إلى بر الأمان.
سيدة جدة الشجاعة
ضربت جدة قبل 7 سنوات تقريباً في عام 2011م تحديداً سيول عارمة، أغرقت المدينة، وتسبب في أضرارٍ بشرية ومادية كبيرة، في تلك الأثناء كانت هناك سيدة تُدعى بسمة عمير، تقود سيارتها بعد أن ازاحت من على مقودها سائقها الذي أصيب بنوبة هلع من هول مشهد السيول وما جرفته، وعمدت ببسالة فائقة وعلى مدى نحو 10 ساعات إلى نقل عددٍ من العائلات التي كانت تحاصرها السيول إلى مناطق آمنة.
وقالت وقتها السيدة الشجاعة لوسائل الإعلام؛ تعليقاً على ما قامت به من بطولة، أن: "السيل احتجز سيارتها في منطقة الأندلس وحاول سائقها تفادي المياه الهادرة، لكنه أصيب بنوبة هلع"، مشيرة إلى أن ما دعاها إلى التدخل هو: "مشاهدتها للشابات يرفضن الركوب في سيارات الشبان المتطوعين رغم دقة الموقف وعدم وجود مجال للتشكيك في نيات الآخرين، بالإضافة إلى رفض سائقي سيارات الأجرة التوقف للعائلات العالقة أو التي تقطعت بها السبل".
بطلة حافلة حائل
وقصة أشواق الشمري هي الأخرى ليست ببعيدة، ففي مايو من العام الماضي، قامت تلك الشابة بعمل بطولي، بقيادتها لحافلة جامعتها بحائل، بعد أن تعرض سائقها لحالة إغماء على إثر تعرضه لجلطة دماغية، فما كان من هذه الشابة إلا أن سارعت عندما استشعرت الخطر الذي يحيق بها وبزميلاتها إلى امتطاء مقعد القيادة فوراً، والوصول بالحافلة إلى بر الأمان، ومن ثم توصيل السائق المريض إلى منزله؛ لتقوم أسرته بما يتوجب فعله معه.
وعلقت أشواق على الحادثة التي أثارت جدل حينها، قائلة: "قمت بقيادة الحافلة وابنة عمي أروى جلست في الخلف للعناية بسائق الحافلة، وذهبنا به إلى منزله، وعند وصولنا قمنا بإدخاله إلى مجلس الرجال الذي كان مفتوحًا، وقمنا بتشغيل أجهزة التكييف وفتحنا النوافذ، حتى وصلت أسرته، وقاموا بأخذه إلى المستشفى".
معلمة القصيم والسيارة المتمايلة
وفي القصيم ارتدت شابة أخرى ثوب الشجاعة، وقادت سيارة تقلها مع اثنتين مع زميلاتها، بعد تعرض السائق لسكتة قلبية مفاجئة، واستطاعت تحييد وترويض السيارة التي كانت تتمايل يميناً ويساراً؛ حتى توقفت تماماً على جانب الطريق، برغم عدم إلمامها بقيادة السيارات.
المعلمة أماني المنصور، صاحبة ذلك الموقف الشجاع، قالت – حينها – للصحافة أنه عندما بدأت زميلتيها بالبكاء والخوف، قامت هي بالتقدم من الخلف، وحاولت السيطرة على المقود بشكلٍ عفوي، وعلى الرغم من عدم معرفتها بالقيادة، وأضافت: "تمكنت من السيطرة على مقود السيارة والطريق تسير عليه الشاحنات والخطر لا يزال قائماً، ثم استطعت أن أطفئ المحرك وخففت سرعة المركبة وتوقفت إلى يمين الطريق، واتصلنا بالمديرة لطلب النجدة".