نجاح يتبعه نجاح، وتميُّز على جميع الصُّعد، هو العنوان الأبرز للمبتعثين السعوديين؛ وذلك بفضل من الله، ثم بفضل ما توليه حكومة خادم الحرمين الشريفين من دعم وعناية واهتمام بأبنائها المبتعثين بتهيئة سبل الريادة والتميُّز لهم.
قصة نجاح لفكرة مبتكرة، بطلها طبيب الزمالة المبتعث من جامعة الملك عبدالعزيز في رابغ، الدكتور عمرو عبدالعال أبو خشبة، المختص في جراحة شبكية العين، ضمن البرنامج السعودي - الفرنسي الطبي.
وتمكَّن الدكتور عمرو أبو خشبة من الوصول هو وزملاؤه الفرنسيون لتطبيق طريقة مختلفة لزراعة عدسة جديدة، لم تجرِ زراعتها إلا لعشرات الأشخاص فقط حول العالم، وأُجريت لمريض شبه فاقد للبصر، تكللت بالنجاح بحمد الله وفضله.
وتوصل الطبيب المبتعث وزملاؤه في مستشفى لا كروا روس الجامعي في مدينة ليون الفرنسية إلى طريقة مختلفة لزراعة العدسة، وطبّقها الدكتور عمرو بنفسه على المريض. وتمتاز هذه الطريقة بسرعة الإنجاز، وتقليل طول الشق، والاستغناء عن تثبيت العدسة بالخياطة داخل العين، إلى جانب تغيير محور العدسة لتقليل الثقوب.
وقال الدكتور عمرو أبو خشبة في حديث لمندوب وكالة الأنباء السعودية في باريس عن هذا الابتكار الجديد: "إن الفَرْق الأبرز بين الطريقة القديمة والحديثة هو عدم الحاجة إلى تخييط العدسة في جدار العين من الداخل، بل تُثبَّت تلقائيًّا عن طريق التثبيت الذاتي، ولا تستوجب عمل شق طويل أو كبير للعين، بل شق صغير، وفي وقت أقل".
وأضاف: "لم يأتِ الاستقرار على الطريقة المثلى لتثبيت العدسة نظرًا إلى أن العدسة حديثة، ولم تُطبَّق إلا على أعداد قليلة في فرنسا. والاختلاف الذي قمت به يكمن أولاً في تغيير زاوية العدسة من صفر إلى مئة وثمانين، وتحريكها على محور 10 إلى 15 درجة؛ ليسهل وضعها في داخل العين، وبشكل فني قلل عدد الثقوب باستخدام مكان زراعة العدسة نفسه، من خمسة ثقوب إلى ثلاثة ثقوب ثابتة لا تتغير".
وأبان أن العملية استغرقت قرابة ساعة ونصف الساعة، وشملت الفحص المايكروسكوبي، وفحص العين بالكامل من نظر وضغط وصور، إلى جانب التأكد من عدم وجود أي حائل يحول دون زراعة هذه العدسة، كانفصال الشبكية وغيره. مفيدًا بأنه بعد هذه الفحوصات تمكن من إجراء العملية تحت التخدير الموضعي، وبدأ بتثبيت العين من الخارج بمثبت ثقوب في العين، تسمح للدخول في العين وتنظيفها من الداخل، واستخراج العدسة السابقة التي سقطت.
وقال: "أثناء إجراء العملية انتبهت إلى أنه كان هناك ثقوب في الشبكية، وعالجتها في وقتها بالليزر، ثم دخلت إلى مرحلة مقدمة العين، وقمت بعمل شق صغير بمقدار 2 ملم في ملتحمة القرنية، واستخراج العدسة القديمة، وإدخال الجديدة عن طريق القرنية، وانتهينا -ولله الحمد- من تثبيتها من غير الحاجة إلى خيوط".
وأكد أن العملية والطريقة المختلفة لزراعة العدسة لقيت إشادة كبيرة من زملائه الفرنسيين في المستشفى، والآن تجري المحاولات لتطبيقها على أكثر من حالة للتأكد بشكل كامل من مدى فاعليتها.
وأفاد الدكتور عمرو أبو خشبة بأن برامج الابتعاث من أجمل الفرص التي تتاح للشخص، وبرنامج خادم الحرمين الشريفين للابتعاث من أفضل البرامج من حيث عدد المبتعثين، وتمكنهم من الاحتكاك بالثقافات الأخرى، وتعلُّم مناهجهم وطرق تعليمهم للحصول على المعرفة، واكتساب الخبرات الجديدة.
وقال: "في فرنسا أُتيح لنا التطبيق في سنوات مبكرة؛ لذا يعد الابتعاث فرصة ممتازة لتطبيق ما تعلمناه من أساليب مختلفة، وتطبيقها في وطننا الغالي للارتقاء بالمجال الطبي لدينا أكثر فأكثر".
وأعرب عن الشكر والتقدير للقيادة الرشيدة على إتاحة هذه الفرصة لأبناء وبنات السعودية؛ لتمكينهم وتطوير قدراتهم ومهاراتهم لخدمة هذا الوطن المعطاء، ومواكبة طموحات رؤية 2030.