التوازن والتزامن أمران مطلوبان للحفاظ على الاعتدال في أي عملية تفاعلية، وينطبق ذلك على العقار والأراضي والإسكان، فإذا كان النمو السكاني أسرع من النمو العمراني فمن البديهي أن يرتفع الطلب أمام العرض وتحدث فجوة تؤدي لارتفاع الأسعار وتزداد بالتراكم، الأمر الذي يتطلب مواكبة النمو العمراني للنمو السكاني.
ومن خلال ذلك يمكن التوصل إلى معادلة بسيطة كقاعدة أساسية: (نمو سكاني أسرع من النمو العمراني يؤدي إلى زيادة الطلب، وزيادة الطلب تعني ارتفاع الأسعار).
وبالنظر إلى واقع العقار يجدر بنا الحديث بلغة الأرقام في ضوء هذه المعادلة البسيطة، لنجد أنها تنطبق على واقع العقار في المملكة العربية السعودية، فالنمو السكاني في المملكة يأتي في المرتبة الثانية عالميًا بعد نيجيريا، حيث بلغ عدد المواليد 434 ألف مولود خلال سنة حسب إفادة رئيس الهيئة العامة للإحصاء سابقًا الدكتور فهد التخيفي عام 2019م.
ومن ناحية أخرى فقد صرح سمو سيدي ولي العهد أن عدد السكان في مدينة الرياض سيبلغ 25 مليون نسمة بحلول 2030م.
وفي ضوء ما سبق يجدر بنا الحديث عن واقع العقار والأراضي والإسكان في المملكة، والذي لا يخفى على العموم، فضلاً عن أهل الاختصاص أنه يعاني من شح كبير في العرض أمام تزايد في الطلب، والذي سبب ارتفاعًا في الأسعار، فضلاً عن قضايا ومشاكل متراكمة تخص الأمن العقاري والصكوك والمطور العقاري وغير ذلك.
ومن خلال هذه المعادلة يمكننا القول إن وزارة الشؤون البلدية والقروية والإسكان معنية ومطالبة بتبني استراتيجيات وخطوات تكون منطلقًا لخططها ومشاريعها لتكون مطابقة للأرقام والنسب على أرض الواقع تتلخص في الآتي:
أولاً :
تبني استراتيجية للتطوير والتجديد والإصلاح في منظومتها الإدارية والقانونية والتنفيذية؛ بهدف سد الثغرات التي تحول دون وفرة العرض وتعيق الوصول إلى مستوى الطلب، مثل :
1- معالجة مشاكل الصكوك المتعلقة بايقافها وإلغائها،
2 - معالجة التعثر والتأخر في تنفيذ المشاريع بإزالة أسبابها.
3 - إعادة النظر في معايير التطوير العقاري.
ثانيًا :
فتح المجال أمام الشركات الأجنبية ذات الجودة العالية والتكلفة المناسبة، لكسر الاحتكار، ودعم الاستثمار، وتخفيف الحمل على المطور العقاري المحلي أمام ضغط الطلب المتزايد، فضلاً عن خلق التنافس الإيجابي الذي يصب في صالح المستفيد.
ثالثًا :
إعداد دراسة تكون منطلقًا للخطط والمشاريع المستقبلية في ضوء الأرقام والنسب المتعلقة بنمو التعداد السكاني في المملكة.
وختامًا أشير إلى أننا في ظل رؤية 2030، وما أعلن عنه سمو سيدي ولي العهد -حفظه الله- من خطط ومشاريع مقبلون على مرحلة جديدة للعقار والأراضي والإسكان في المملكة، والتي تتطلب من الجهات المعنية ومن الخبراء والمختصين بذل كل ما في الوسع نصحًا وتوجيهًا وإرشادًا وتخطيطًا وتنفيذًا للوصول إلى تحقيق المستهدفات وتلبية المتطلبات.