"نزاهة".. حماية المال العام وركيزة التطور الشامل في رؤية 2030
"لن ينجو أي فاسد كائناً من كان".. ما أعظمه من شعار رفعه ولي العهد الأمير محمد بن سلمان لمحاسبة كل من تُسوّل له نفسه العبث بمقدرات وثروات هذه البلاد المباركة، مهما كانت مكانته أو صفته؛ تحقيقًا لمبدأ العدالة والمساواة في الثواب والعقاب، هكذا تُبنى الدول، وهكذا ينهض اقتصادها في مناخ صحي معافى.
فعندما تكون الدولة قادرة على بناء اقتصاد قوي يقوم على مبدأ الشفافية، تجني هيئة الرقابة ومكافحة الفساد ثمار هذا العمل عبر استدامة التنمية وتطور جميع مناحي الحياة.
وتعد ظاهرة الفساد الإداري والمالي من التحديات الكبرى التي تواجه البلدان، خصوصًا الدول النامية، حيث تأخذ هذه الظاهرة في نخر جسم مجتمعاتها، مما يؤدي إلى تعطيل عملية البناء والتنمية الاقتصادية، ويدمر الاقتصاد والقدرات المالية والإدارية، لذا فإن مكافحة الفساد هي من أهم القضايا التي تشغل دول العالم، سواء كانت نامية أو متقدمة، إذ تتفاوت هذه الظاهرة بين الدول من حيث خطورتها وانتشارها.
وقد جاءت رؤية السعودية 2030 لتؤسس على ثلاثة مبادئ أساسية: الاستدامة، التنافسية، والعدالة. ومن ثم، تُعد مكافحة الفساد هدفًا محوريًا لهذه الرؤية الاقتصادية، مما يجسد أهمية انعكاسات الرؤية على أساليب مكافحة الفساد وتأثيرها على الجوانب الاقتصادية.
جاءت الرؤية بأهداف سامية من شأنها تحقيق العدالة والتنمية، وهي الأهداف التي رسمتها القيادة الرشيدة، ومنها العزم على القضاء على الفساد ومحاربة جميع أشكاله، حيث خطت المملكة خطوات جادة من خلال تأسيس هيئة الرقابة ومكافحة الفساد.
ولقد وُلدت هذه الهيئة قوية، شامخة بمبادئها، حيث تعنى بحماية المال العام ومكافحة الفساد وجمع البيانات وإعداد الإحصاءات في الأجهزة المشمولة باختصاصاتها، كما تعمل الهيئة على تنسيق جهود القطاعين العام والخاص في التخطيط والمراقبة، وتواصل جهودها منذ صدور الأمر الملكي الكريم رقم (65/أ) وتاريخ 13/ 4/ 1432هـ، الذي نص على تأسيسها واستكمال لوائحها التنفيذية واستقطاب الكفاءات المؤهلة، بالإضافة إلى رسم الاستراتيجيات المستقبلية التي تمكّن الهيئة من النهوض بمسؤولياتها على أكمل وجه.
لقد وجدت الهيئة إشادة من خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز -حفظه الله ورعاه- ومجلس الوزراء، حيث أكدوا على نجاح الهيئة في مكافحة الفساد، مما أضحى نهجًا واستراتيجية أساسية بتكريس مبدأ الشفافية وتتبع ومراقبة الأداء الحكومي وفاعليته.
وقد أطلقت الهيئة مؤخرًا موقعًا إلكترونيًا لتعزيز التواصل مع الجمهور، وفتح قناة اتصال جديدة، مما يمكّن المستفيدين من تقديم بلاغات عن أي فساد إداري أو مالي في الجهات المشمولة باختصاصاتها، وهو أحد الإجراءات التي تقوم بها الهيئة في مجال حماية النزاهة وتعزيز الشفافية.
ختامًا..
إن الفساد -من وجهة نظري- سرطان يسري في جسد الاقتصاد الوطني، ينتشر حتى يحطم مفاصله ويصبح من الصعب السيطرة عليه، وإن عزم الدولة على محاربة الفساد يقضي على أطماع الفاسدين، فإذا أرادت الدولة النهوض باقتصادها وحماية ثرواتها، فلا بد من إقرار مبدأ المحاسبة وسَن القوانين الرادعة، ومكافحة الفساد وتعزيز الشفافية، والمضي قدمًا بتوجيهات قيادتنا الرشيدة الداعمة لحماية مكتسبات الوطن والمواطن.