دور المدير في سعادة الموظفين
ليست السعادة في بيئة العمل نوع من الرفاهية بل هي عنصر أساسي في بناء منظمات ناجحة ومستقرة. يجب أن نؤمن بأن هذه السعادة لا تنشأ تلقائيا من الأجور المرتفعة أو الامتيازات والبدلات الإضافية، بل يتم صناعتها من خلال سلوكيات وممارسات المدير اليومية وقدرته على بناء بيئة ناجحة تجذب وتحافظ على المميزين من الموظفين.
المدير الواعي المتمكن لا يكتفي بإدارة المهام، بل يهتم ويركز على المشاعر والسلوكيات التي تحدث داخل الفريق. وهنا تظهر الأهمية الحقيقية لدور المدير في تشكيل وصناعة بيئة عمل صحية تشجع الموظف على العطاء وتقديم أعلى ما لديه وتمنحه الشعور بالأمان والعدل والانتماء وترفع لديه الشعور بالمسؤولية.
الخطوة الأولى نحو سعادة الموظفين تبدأ من البيئة التي يتواجد فيها الموظفين حيث يفترض أن تكون آمنة وتتوفر فيها جميع وسائل السلامة. المعدات والأدوات التي يحتاجها الموظف يجب أن تكون متوفرة، الممرات والمكاتب ودورات المياه النظيفة والإضاءة الجيدة كلها عوامل رئيسية لراحة الموظف وسعادته. من أدوار المدير لتحقيق سعادة للموظفين وضع نظام العمل اليومي وتنظيم المهام والمسؤوليات.
الموظف الذي لا يعرف المطلوب منه ولم يستلم وصفه الوظيفي ويؤدي عمله وفق اجتهاداته الشخصية يعيش في حالة ارتباك دائمة، فلا يعرف المطلوب منه تماما ولا يدرك أولوياته، لذلك لا يمكن أن يشعر بالراحة أو الاستقرار واحتمالية مغادرته للمنظمة عالية لمجرد أن يلوح أمامه فرصة وظيفية أخرى. جسده في بيئة العمل السيئة وعقله ومشاعره في البيئة الحلم التي يتوق للعمل فيها.
المدير الفعال هو الذي يحدد لكل موظف دوره بدقة، ويشرح له رسالة المنظمة ورؤيتها وأهداف العمل وكيفية تحقيقها، مهم أن يعتقد الموظف بأن ما يقوم به هو ذو قيمة حقيقية ومتصلة برؤية المؤسسة. إن إزالة الغموض عن المهام، وتوضيح التوقعات، وتحديد خطة زمنية معقولة وليست تعجيزية لكل هدف، كلها أعمال تقلل فرص التوتر وتعزز ثقة الموظف ببيئته العملية.
أحد مقومات السعادة في العمل تعتمد على الطريقة التي يعامل المدير بها الموظفين. فالموظف لا يتفاعل مع تعليمات جامدة، بل مع بشر ويحتاج أن يعايش الجانب الإنساني فيهم.
حينما يسود في بيئة العمل الاحترام المتبادل والتعامل الراقي والاتصال الفعال، حينما يشعر الجميع أن المدير يعاملهم بعدالة، دون تمييز أو تحيز، فإن ذلك يولد لديهم طاقة نفسية إيجابية تجعل الجميع أكثر تعاون وحرص على نجاح المنظمة واستمراريتها.
المدير الذكي لا يتكبر على موظفيه، بل ينزل إليهم ويستمع لهم ويتفهم وجهات نظرهم ويقبل النافعة منها ويصحح الأخرى دون تجريح. المدير الفعال يحرص على أن تكون علاقات الفريق خالية من الصراعات المستمرة، بل يعالج كل خلاف حين ظهوره، ويشجع على الحوار والاحترام.
سعادة الموظف لا تكتمل دون شعوره بالكفاءة والقدرة على الأداء الصحيح. لهذا فإن التعليم المستمر والتدريب العملي أمران أساسيان.
عندما يتم تدريب الموظف على المهارات الفنية اللازمة لوظيفته، فإنه يصبح أكثر ثقة بنفسه، وأكثر قدرة على التعامل مع التحديات. تجده يواجه العملاء بكافة أنماطهم وشخصياتهم بكل مهنية واقتدار. يتعامل مع المواقف الصعبة بكل اتزان نفسي ناتج عن معرفة عميقة بالعمل.
المدير المحفز لا يترك موظفيه يسيرون بعشوائية، بل يهتم بهم ويدربهم ويعدهم بالشكل الصحيح. ويراقب أدائهم ويصحح الخلل في حينه وبطريقة احترافية تقود إلى تقبل النقد وتؤدي إلى سعادة في بيئة العمل.
من أكبر مصادر التوتر والانزعاج في بيئات العمل الشعور بالتمييز والتفرقة والعنصرية. المدير الناجح لا يهتم ويرضي فئة ويهمل فئة أخرى. معايير العمل لديه واضحة ومنشورة ومطبقة على الجميع.
المدير يعلن عن نظام واضح للمكافآت ويحرص على أن تكون القرارات مبنية على العدالة وأعلى المعايير، لا على المزاج والعلاقات الشخصية.
حينما يشعر الموظفون أن مبدأ الأمانة والعدل هما الأساس، فإنهم يركزون على العمل، لا على مقارنة أنفسهم بالآخرين.
إن المدير هو من يسهم في صناعة المزاج العام للمنظمة. بكلمة مشجعة، بنظرة احترام، بقرار عادل، يمكنه أن يصنع يوما مميزا وينشر السعادة والفرح على فريق العمل. كما أنه قد يهدم معنويات الموظفين بتعامل متعجرف أو تعليق سيء أو تجاهل مستمر لأدائهم الرائع.
في النهاية إن سعادة الموظفين مسؤولية تبدأ من أعلى الهرم، من قيادة تدرك أن الأداء لا يأتي بالقوة والعصا، بل بالثقة والوضوح والاحترام.
السعادة في بيئة العمل هي قرار إداري ومنهج يجب أن يتم تدريب المشرفين عليه وتدريب وكل من سيصبح مسؤول داخل المنظمة.