الحديث عن الموت

كان لي صديق يحرص يوميًا، وخاصة الجمعة على إرسال إحصائيات عن الوفيات وأماكن الصلاة والدفن، مما يذكرني دوماً بما قاله لي أحدهم ذات يوم مازحاً إن أول خبر يحرص على قراءته في الجريدة هو النعي، فقلت ربما يبحث عن مريض يعرفه أو على وشك الموت، لكنه صاح ضاحكاً: لا! إنني أقرأ الوفيات كل يوم فقط لأتأكد من أن اسمي ليس موجودًا!

شخص ما مصاب بالسرطان في المرحلة الرابعة وأخبره طبيبه أن لديه شهرين أو ثلاثة فقط ليعيش، تذمر وبدأ التفكير في رغبته في حضور العديد من الأحداث، ومنها العيد القادم وزواج ابنه، انقلبت حياته إلى حزن، اتضح بعد ذلك بوقت قصير وفاة الطبيب بسبب الشريان التاجي، وعاش الشخص وكتب له الله حضور الأحداث التي تمنى.

جميعًا نعلم أننا سنموت يومًا ما، ولكن القليل منا يفكر بوعي في الموت، وغالبًا ما نتجنب الحديث عنه أو التخطيط له، لماذا هذا؟ ومن ماذا نخاف؟ هناك خوف أساسي نشترك فيه، لكننا نتجنب الحديث عن الموت، ربما موت عزيز أو صديق أو شعورنا أننا على وشك الموت يدق الجرس، نحن نخاف الانفصال لكننا نجهل كثيرًا ما نخاف الانفصال عنه.

من قال إن الموت مثل الولادة ربما جانب الصواب، الولادة فرح وسرور وبهجة ربما على نطاق ضيق يشمل الأسرة والمقربين ومحدودية التهاني، أما الموت على الطرف الآخر فهو أحد أكثر الأحداث غير العادية في الحياة، أسى، كرب، تعاسة، ألم، أحزان، شقاء، حداد، وبؤس وتعازي من القاصي والداني حتى من هجرونا يعودون من أجل تأدية الواجب.

عندما نتحدث عن نهاية الحياة، لا يدور بخلدنا الاستعداد للنهاية، لا نستعد للموت، وربما نشعر بالعجز وعدم اليقين بشأن الخطوات التي يجب اتخاذها، حتى المحادثات بين الفريق الصحي والعائلات والحديث عن الخيارات التي تمكنهم من اتخاذ قرارات مستنيرة تبقى محدودة، فقط الحديث عن الحياة وكأننا مخلدون وكان الموت لا شيء.

فقدان صديق مقرب أو أحد أفراد الأسرة من أصعب التحديات التي يواجهها الكثير منا، ربما يكون حزننا شديدًا، لكن الأهم أن نتعامل مع الخسارة على أنها جزء طبيعي من الحياة، ومعرفة أنه يمكننا التغلب على الحزن بمرور الأيام، وتجنب الصدمة والارتباك لأنها قد تؤدي لهزيمتنا، وبالتالي إطالة فترات الحزن أو الاكتئاب.

يتفاعل كل شخص بشكل مختلف مع الموت ويستخدم آليات شخصية للتعامل مع الحزن. تُظهر الأبحاث أن معظم الناس بالدعم يمكنهم التعافي وفي فترة وجيزة، إن البحث ومحاولة الاستكشاف لما قد يحدث قبل وأثناء وربما بعد الموت لا يساعدنا فقط في تحديد الطريقة التي نريد أن يُعتنى بنا في نهاية الحياة، ولكن ربما ومن المدهش أن تمنحنا الحياة!

علاقتنا بالمتوفى تحدد شدة الحزن وفترة الحزن وطريقة التكيف مع الخسارة. البعض يتمتع بالمرونة مما يمكنهم من الاستمرار في حياتهم الطبيعية، والبعض قد يعاني من الحزن لفترات أطول ويشعر بأنه غير قادر على القيام بالأنشطة اليومية، وربما يحتاج مساعدة طبيب نفسي أو أخصائي صحة نفسية متخصص في الحزن.

يستغرق الحداد على فقدان صديق أو قريب وقتًا، وقد يجد الأفراد الحزينون أنه من المفيد استخدام بعض الاستراتيجيات لمساعدتهم على معالجة الخسارة والتعامل معها، ومنها الحديث إلى بعض الأصدقاء والزملاء وتجنب العزلة، إن شعرت أنك عالق في بعض المشاعر (كالحزن أو الغضب أو حتى الإرهاق) فتوجه لطبيبك وتحدث معه، عليك بتناول الأطعمة الصحية وممارسة الرياضة والحصول على قسط وافر من النوم.

عندما نفقد شخصًا بالموت نشعر بألم الخسارة وندرك مدى هشاشتنا وكم هي ثمينة حياتنا، وكيف أن الحديث والحب وتبادل المشاعر مع من نحب ومن نعرف وربما من لا نعرف هو أمر مفيد ومرضٍ للغاية، الطامة أنه ومع مرور الوقت ربما ندرك أننا فقدنا هذا الشعور ونعود لما كنا عليه قبل الحدث.

الخاتمة:

لو تم طرح تساؤل عن ما هي أفكارنا حول الموت؟ ليس من المستغرب أن تختلف الإجابات، وهل سيشعر الجميع بإيجابية تجاه طرح الموضوع والتساؤل؟

Related Stories

No stories found.
صحيفة سبق الالكترونية
sabq.org