السياحة العلاجية.. أين الترويج؟
بدأت باليونان القديمة، عندما سافر أولئك الذين يعبدون أسكليبيوس (إله الطب) إلى معبده للخضوع إلى طقوس الشفاء، في القرن السابع عشر سافر الأثرياء في جميع أنحاء العالم للبحث عن علاجات طبية في مياه السبا، أخيراً ظهر السفر لإجراء الجراحة.
في القرن العشرين، سافر الناس في الغالب من البلدان المتخلفة صحياً إلى البلدان المتقدمة للوصول إلى المهنيين المدربين تدريباً عالياً والمرافق الأفضل، ثم انقلب الحال ليسافر معظم الناس للبلدان الأقل تقدماً لتلبية مختلف الاحتياجات الطبية والرعاية الصحية لأسباب عدة، وفي مقدمتها انخفاض تكاليف الرعاية الصحية وعدم التأخير.
لماذا يحزم البعض حقائبه ويتجه للغرب أو الشرق تارة وللشمال أو الجنوب تارة أخرى للحصول على رعاية طبية؟ غالباً لأنه لم يجد تلك الخدمات في بلده بمواصفات يرغبها، خدمات أفضل، جودة أعلى، علاج أسرع، تكلفة أقل، وربما لعدم توافر الكادر الطبي المميز وأحياناً لمآرب أخرى، حيث الجمع بين السياحة والعلاج.
إن وجود مزيدٍ من المستشفيات والمراكز العلاجية المتكاملة المعترف بها يعزّز المكانة العلمية والعالمية لأي بلد، ولو أحببنا مقارنة أنفسنا بمَن حولنا أو مَن يبعد عنا سنجد أن سياحتنا العلاجية مازالت أقل من طموحات المسؤولين، وواقعها لا يعكس المأمول على الرغم من الصروح الطبية التي يُشار إليها بالبنان والكفاءات الصحية المتميزة.
التكلفة العالية للرعاية الصحية في الدول المتقدمة أدّت إلى توجّه عديدٍ من المرضى الى مناطق جديدة وأقل تكلفة بحثاً عن العلاج ومنها -على سبيل المثال- آسيا، المحيط الهادئ، أوروبا الشرقية وغيرها، كل ذلك أدّى الى التوسع في قطاع السياحة العلاجية وزيادة نموها في السنوات الأخيرة.
من المتوقع أن يصل حجم سوق السياحة العلاجية العالمية إلى 97.9 مليار دولار بحلول عام 2030 مقارنة بـ 10.3 مليار دولار في 2022، مع التوسع بمعدل نمو سنوي مركب قدره 32.51% خلال فترة التوقعات، وتقدر جمعية السياحة الطبية (Medical Tourism Association) أن ما يقرب من 14 مليون شخص حول العالم يسافرون إلى الخارج كل عام لتلقي العلاج الطبي.
وفقًا لمركز السيطرة على الأمراض (2021)، فإن الإجراءات والعلاجات الأكثر شيوعًا التي يسافر إليها الناس هي رعاية الأسنان وجراحة التجميل وعلاجات الخصوبة وعلاج السرطان والجراحة وزرع الأعضاء والأنسجة، العلاجات الأكثر شيوعًا التي يبحث عنها المرضى الدوليون في الولايات المتحدة هي في مجال علم الأورام، إجراءات القلب والأوعية الدموية هي الأكثر طلبًا بين الأشخاص الذين يسافرون إلى الهند، عمليات التجميل هي الإجراءات الطبية الأكثر رواجًا في تايلاند بين الأجانب.
قلة التكلفة الصحية تلعب دوراً كبيراً في جذب مزيدٍ من طالبي السياحة العلاجية (تقدر تكلفة عملية استبدال الركبة في الولايات المتحدة او بريطانيا بنحو 43 ألف دولار، في حين ينخفض المبلغ في سنغافورة الى 12 ألف دولار ويصل في الهند الى 9 آلاف دولار، علاج أطفال الأنابيب في الولايات المتحدة من 15 إلى 20 ألف دولار أمريكي، بينما في تايلاند تُكلف نحو 6 إلى 12 ألف دولار أمريكي فقط).
هناك عوامل عديدة تؤثر في انتعاش السياحة العلاجية في أي بلد وأبرزها غياب الترويج، حيث إن الدعاية والإعلان والتسويق الجيد المحترف أمرٌ بالغ الأهمية في اكتساب مزيدٍ من السياح، سواء علاجياً أو استشفائياً وربما هذا ما ينقصنا بالدرجة الأولى في الوقت الراهن.
لدينا الأنظمة الصحية على أعلى المستويات، مراكز صحية ضمن الأفضل عالمياً، استشاريون يُشار إليهم بالبنان في التخصصات كافة مع خبرات متعددة، أما التجهيزات والتكنولوجيا فحدّث ولا حرج، ولله الحمد.
على الجانب الإنساني، فبلدي تمد يدها للجميع ناهيك عن الجودة والأمان والتسامح الثقافي، التكلفة العلاجية المقبولة، أوقات انتظار قصيرة لإجراءات طبية معينة وخدمة علاجية متميزة، وسهولة السفر والوصول إلى منشآتنا الصحية والحصول على تأشيرة طبية بيسرٍ وسهولة، وقبل ذلك وبعده الحصول على خدمات علاجية أفضل.
عزيزي السائح العلاجي
إذا عزمت على السفر طلباً للعلاج أو الاستشفاء تذكّر أن هناك بعض النقاط يجب عليك التأكد منها قبل حزم الحقائب، ومنها: التأكّد من مهنية واحترافية المركز الصحي، ومؤهلات الفريق الصحي، التحدث مع الطبيب أو مقدّم الرعاية الصحية للتأكّد من أنك تفهم تماماً مخاطر وفوائد الإجراء، والتكلفة.