لماذا أطلقنا هذه الأسماء على بكر أبو دمعة وبقية الشلة .!؟
في طفولتنا حين كنا في أزقة المدينة المنيرة نلهو ونلعب -وقد نؤذي الآخرين- ابتكرنا طريقة مذهلة حتى لا يعرف الناس أسمائنا الحقيقية، وذلك لأسباب أمنية أو اجتماعية أو ثأرية.
في ذلك الوقت لم نكن ننادي بعضنا إلا بأسماء مستعارة لا يعرفها إلا نحن، أما كيف نختار الأسماء .!؟ فإليكم الطريقة : إننا نركز على كل واحد منا، ثم نرى ما يتميز به من أقوال أو أفعال، ونشتق منها اسماً يتلائم معها، و هذه بعض الأمثلة :
1- بكر أبو دمعة: كان بكر هذا صاحب قلب حنون، إذا سمع قصة محزنة أو دهست قطة أمامة، دخل يبكي ويمسح دموعه بطرف كمه، لأن ثقافة حمل المناديل، لم تكن موجودة في تلك المرحلة، ومن دموعه الغزيرة اشتققنا هذا الاسم.
2- سعيد أبو حطبة: كان يساعد والده في حمل الحطب من أجل بيعه في السوق، فاطلقنا عليه هذا الاسم.
3- طه رأس القطار: كان طه غفر الله له، يمتاز برأس غريب الحجم، لأنه بارز من الأمام ومن الخلف وكانه رأس قطار، ولا أدري كيف أطلقنا عليه هذا الاسم، مع أننا لم نشاهد القطار في حياتنا.
4- إدريس عدو البشر: كان إدريس كاره لذاته ولمجتمعه، لذلك منذ أن يستيقظ في الصباح حتى ينام ليلاً، لأنه منذ أن يستيقظ حتى ينام ليس لديه من الشغل إلا إيذاء البشر، لذلك أطلقنا عليه عدو البشر.
5- مختار الكنتي: أما مختار فهو ضحية من ضحايا أفكار الزمن الجميل وجيل الطيبين.. أنه يتجاهل اللحظة َيعيش في الماضي، وكل أحاديثه عن الزمن الماضي، لقد كنا وكنا، لذلك أطلقنا عليه اسم الكنتي.
6- ياسين قشر السمك: كان ياسين من عائلة، ارستقراطية ثرية بمفاهيم ذلك الوقت، لذلك هم يأكلون السمك كل يوم جمعة، واذا شبع من أكل السمك، أخذ يحدثنا عن طريقة أمه في تقشير السمك. لذلك أطلقنا عله هذا الاسم.
7- غازي أبو ونش: غازي شاب نبيل ينحدر من أسرة مكافحة، كان أبوه صالحاً مكافحاً ويمتلك سيارة ونش لسحب السيارات المريضة، وكان غازي يجلس كل مساء على ظهر الونش، لذلك التصق به هذا الاسم.
8- اسماعيل الشراد: كان اسماعيل يمتاز بقلب جبان، وإذا قامت المعارك بيننا وبين أشقياء الحارات المجاورة، كان أول الهاربين والمتولين يوم الزحف، وعندما قلنا له يا جبان لماذا تخاف قال: يا أبوية أولاد الحارة الفلانية يضربوا بالعصي على الراس، وهذه الضربه تموت.. لذلك خليهم يقولوا خواف ولا يقولوا الله يرحمه ولهذا أشرد بسرعة ، لذلك سمي بالشراد.
9- ياسين سوق الخردة: كان ياسين يذهب مع أخوه الأكبر وسيم، إلى حراج الخردوات كل جمعة، وإذا رجعوا من السوق، أخذ يقص علينا ما حدث في الحراج، مكرراً عبارة، لما كنا في سوق الخردة، لذلك أطلقنا عليه هذا الاسم.
10- برهوم الشبح: كان برهوم خفيف الظل والروح، يأتي كالنسمة ويذهب مثلها، يهبط علينا في الحارة دون أن نشعر ويغادرنا دون أن ندرك، انه كالشبح الذي تراه ولا تراه، لذلك اطلقنا عليه الشبح.
11- ماجد كركرة: كان الأنس والضحك والفرفشة من الغذاء الذي نتناوله كل يوم، وإذا كتبنا قائمة عن أهل الفكاهة والصانعين لها ولمحتواها، فسنجد المقدمة من نصيب ماجد الذي يكركر من الضحك مع النكته الطالعة والنكته النازلة، لذلك وهبناه هذا الاسم.
12- أسعد كنداسة: أسعد شاب نحيل الذكاء سمين الغباء، وقد أدرك أبوه ذلك، وجعله يدرس معنا في الصف الخامس صباحاً، اما في العصر فقد كان يساعد والده بإصلاح وصيانة ولحام الكنداسات، وكان أبوه صاحب نظرة ثاقبة، حيث جعل مستقبل الإبن أسعد على شارعين، شارع الدراسة إذا فلح فيها، واذا لم يفلح فأمامه شارع صيانة الكنداسة، ومن هنا أطلقنا عليه هذا الاسم.
13- أحمد الشرقي: كان هذا اللقب من نصيب أحمد العرفج، والسبب أننا أتينا إلى المدينة وعمري سبع سنوات، وكانوا يطلقون علينا لقب الشروق، لأننا أتينا من المدن المتاخمة لشرق المدينة، وهناك قصة ضريفة لي، حول هذا الاسم مع أحد الجيران لا داعي لذكرها.
حسنا ماذا بقي: بقي القول: هذه صفحة من صفحات الطفولة التي لها وعليها، ولعلي في المستقبل أكمل بقية الصفحات ولا زلت أتعجب كيف وصلنا إلى هذا الذكاء الحاد الذي جعلنا نغطي وجوهنا بأسماء حركية مستعارة .!!!
