قمة جدة.. تعزيز القيم النبيلة أمام العالم

تم النشر في

بنجاح ساحق حققت السعودية أهدافها كافة من زيارة الرئيس الأمريكي "جو بايدن" الأخيرة و"قمة جدة"، وسلطت الضوء على القضايا التي تهمها وبقية الدول العربية والإسلامية، رغم أن الزيارة أتت في توقيت دقيق، تمرُّ به منطقة الشرق الأوسط خصوصًا، والعالم بصورة عامة؛ بسبب استمرار النظام الإيراني في سياساته التخريبية، وافتعاله الأزمات في دول المنطقة، إضافة إلى التداعيات السالبة للأزمة الأوكرانية على استقرار سلاسل الإمداد، وارتفاع أسعار المواد الغذائية الرئيسية.

كان الجميع يتوقع أن تمنح الزيارة اهتماماتها القصوى بصورة كاملة للجوانب الاقتصادية، وخصوصًا مع تأثُّر إمدادات النفط والغاز لأوروبا، لكن كان لافتًا أن السعودية – رغم اهتمامها بالجوانب الاقتصادية – ركزت على تناول قضايا أخرى، ترى أنها لا تقل أهمية عن ذلك، وفي مقدمتها ضرورة احترام القيم الخاصة بالشعوب والمجتمعات، وهو ما قال عنه ولي العهد الأمير محمد بن سلمان – حفظه الله – إن شباب السعودية سوف ينجح في نشر القيم الخاصة بالمجتمع التي قال إنها سوف تظل باقية ومحفوظة، وطالب المجتمع الدولي باحترامها بمثل ما نحترم نحن قناعاته وقيمه.

هذا التوجُّه السديد يحمل في جوانبه معاني عديدة، في مقدمتها ضرورة احترام الآخر، واحترام ديانته وقناعاته، وعدم السعي وراء إقصائه وإرغامه على اعتناق ما لا يريده من أديان وأفكار. وهذا هو المدخل الرئيسي للتصدي لداء الكراهية الذي انتشر في الفترة الأخيرة بصورة مزعجة، وأدى إلى تفشي الإرهاب والإرهاب المضاد، والعديد من الظواهر السالبة، مثل الإسلاموفوبيا، وتفشي النزعات الشعبوية.

كذلك ركز ولي العهد في خطابه على ضرورة تشجيع التنقيب عن الوقود الأحفوري، وزيادة استخدامه بديلاً عن النفط؛ لأنه أقل ضررًا على البيئة. هذه اللفتة الرائعة أكدت أن السعودية رغم أنها من كبرى الدول المنتجة للنفط في العالم لكنها في الوقت ذاته تولي أهمية كبيرة للحفاظ على عناصر البيئة، والتصدي للممارسات السالبة التي تهدد العالم بالمزيد من الاحتباس الحراري الذي يهدد استمرار الحياة على كوكب الأرض، ويلحق أضرارًا كبيرة بالأجيال المقبلة.

للدلالة على ذلك تكفي الإشارة إلى توقيع صندوق الاستثمارات العامة خلال الفترة الماضية اتفاقية مع شركة تسلا الأمريكية لإنشاء مصنع في مدينة الملك عبدالله الاقتصادية لإنتاج 100 ألف سيارة كهربائية في المرحلة الأولى؛ وهو ما يوضح أهمية تعزيز مصادر الطاقة النظيفة.

هذا الاهتمام الكبير يثبت مرة أخرى أن السعودية مثلما هي في مقدمة الدول المنتجة للنفط إلا أنها في الوقت ذاته تولي أهمية كبرى للإيفاء بالتزاماتها في حماية البيئة والمجتمع من شرور الاستخدام البشري الضار بالبيئة، وأنها لا تحرص فقط على ديمومة مكاسبها الاقتصادية، بل تتطلع إلى عالم خالٍ من الانبعاثات الكربونية الضارة.

بهذا التوجه تجدِّد السعودية تمسُّكها بالإيفاء بالالتزامات التي قطعتها على نفسها، بل تدعو الآخرين كي يحذوا حذوها؛ لأنها دولة رائدة؛ يقتفي الآخرون أثرها، ويسيرون على خطاها؛ وبذلك تؤكد ريادتها وحضارتها الأصيلة التي عُرفت بها منذ الأزل.

أخبار قد تعجبك

No stories found.
صحيفة سبق الالكترونية
sabq.org