رحلة البحث عن الموهوبين
الكشف عن الموهوبين والمتفوقين، خاصة الذين ما زالوا يتلمسون خطواتهم الأولى في هذا الحياة، يعد أمرًا ليس بالسهل؛ لأنه يتعلق بمعايير عملية دقيقة، تتطلب الدقة في الرصد والتتبع، والمواصلة بهمة ونشاط في الرعاية والاهتمام بالموهبين، بصورة مكثفة ومتواصلة.
وقد وضعت مؤسسة الملك عبدالعزيز ورجاله للموهبة والإبداع "موهبة" هذا الأمر في مقدمة أولوياتها. وقد تم خلال اليومين الماضيَين الإعلان عن نتائج البرنامج الوطني للكشف عن الموهوبين في عامه الـ 13؛ إذ بلغ عدد الطلبة الذين تم اكتشافهم أكثر من 25 ألف طالب وطالبة. وهذا عمل كبير، وجهد غير عادي؛ يجب أن يجد كل التقدير والإشادة من مختلف الجهات.
إن أكثر ما يلفت النظر هذا التعاون الوثيق بين كل من "موهبة"، ووزارة التعليم، والمركز الوطني للقياس، إضافة إلى الجهات الأخرى الداعمة لعالم الموهبة والموهوبين، بصورة عامة.
ويزداد التقدير والإعجاب بجهود "موهبة"، والجهات ذات العلاقة والشركاء في هذا العمل، إذا علمنا أن الذين أدوا مقياس موهبة للقدرات العقلية المتعددة أكثر من 52 ألف طالب وطالبة، يمثلون مختلف مناطق السعودية، وذلك ضمن البرنامج الوطني للكشف عن الموهوبين، الذي تحرص على تنظميه "موهبة" بصورة سنوية، باحثًا عن المواهب في كل ربوع البلاد.
إن مواصلة رحلة البحث عن الموهبين لا تتوقف عند اكتشافهم، والإعلان عنهم، خاصة في دولة مثل السعودية، بعدد سكانها البالغ 35 مليونًا، وبمساحتها الشاسعة، بل يعقبها عمل طويل وشاق، يتمثل في التدريب والتأهيل والرفع من القدرات للموهوبين؛ حتى يتم صقل الموهبة بالصورة المطلوبة، وفقًا لأعلى المقاييس والمعايير العالمية، التي تعتبر الموهبة كنزًا يجب الحفاظ عليه، وتكثيف العمل في رعايته والاهتمام به.
كما أن الشراكة الاستراتيجية القائمة بين كل من مؤسسة "موهبة"، ووزارة التعليم، وهيئة تقويم التعليم والتدريب، ممثلة بالمركز الوطني للقياس، هي شراكة قائمة على عمل استراتيجي كبير، يعتبر الاستثمار فيه في مقدمة الأولويات؛ لأن الاستثمار في الموارد البشرية والعقول يعتبر استثمارًا أكثر فائدة للوطن.
إن الدور الذي يقوم به البرنامج الوطني في الكشف عن الموهوبين، في أنحاء السعودية كافة يعتبر جهدًا كبيرًا ومقدرًا؛ لأنه يضع أساسًا قويًّا لموهوبي السعودية.. وقد تهيأت له الإمكانيات المادية والموارد البشرية للقيام بهذا الدور الوطني الكبير؛ فالمهوبون يمثلون مستقبل بلادنا الزاهر بكل مكوناته وإرثه الحضاري، الذي تمتد جذوره إلى نحو ثلاثة قرون.