"الإخبارية".. وفن صناعة التغطية

تم النشر في

تجاوزت العشرين عامًا من عمرها، وأصبحت في عنفوان الشباب قوة ونشاطًا، وكل يوم تزداد تألقًا وتجديدًا؛ فأضحت قناةً ناضجة واعية محترفة، تمتلك من الديناميكية الكثير، تنتقل بين المواقع مع شبكة مراسليها المجتهدين برشاقة، وإعداد جيد، وكاميرا ناطقة، ووعي كبير في الإضاءة، وأنظمة الصوت، والإخراج التنفيذي اليقظ دائمًا.. كما نرى شريطًا إخباريًّا ثريًّا ومتطورًا، "والعواجل" في وقتها تنطلق، وتظهر واضحة جلية، وهناك تصويب سريع في حال حدث خطأ لغوي.

"قناة الإخبارية".. في تقديري أراها واحدة من أهم مقومات القوى الناعمة السعودية، وهنا أقصد احترافية الانتقال مع المراسلين لأماكن ومنتجات تعكس الهوية السعودية، مع أنني أرى أن الصورة الخبرية -قبل القصة الخبرية- لها تأثيرها على المتلقي، فكل يوم ترى الجديد، وشبكة المراسلين في جهد متواصل، الرجال والنساء على السواء، وعنصر الربط بين المراسلين والمذيعين حاضر بقوة؛ فلن يكون المشاهد بمعزل عن الحدث المنتقل من مكان بعيد، والمذيع القابع في الاستوديو؛ بل نجد تناغمًا بين فريق الاستوديو والفِرَق الخارجية.

وما يدهشني حقًّا هو براعة التغطية وصناعة القصة الخبرية، ثم الغزارة الإخبارية التي أرى فيها دور وكالة الأنباء السعودية بقوة، مَعين الأخبار الذي لا ينضب، إضافة لصياغة الخبر التليفزيوني بلغة إعلامية راقية؛ فنحن أمام عمل إعلامي متكامل جدير بالاحترام والتقدير والمتابعة الجيدة؛ فهي قناة شابة بامتياز، تمزج بين كلاسيكية الرسالة، وحداثة التغطية الإعلامية.

نعم هي قناة فضائية سعودية تقدم أحدث الأخبار العاجلة والتحليلات والتقارير الميدانية، مقرها الرياض العاصمة، وهي واحدة من سبع قنوات تلفزيونية سعودية تُمَثل شبكة هيئة الإذاعة والتلفزيون التابعة لوزارة الإعلام، تم إطلاقها في يناير 1424هـ/ 2004م، ومنذ هذا التاريخ تعمل على تطوير شبكة المراسلين، محليًّا، ثم كانت الخطوة الثانية الانتشار إقليميًّا، إلى أن وجدت لنفسها فضاء واسعًا عالميًّا، في أنحاء الشرق الأوسط وأوروبا وأمريكا؛ لتوفير تغطية للقصص الإخبارية من جميع أنحاء العالم.

وتعد القناة منافسًا تلفزيونيًّا للعديد من القنوات الإخبارية حول العالم، كما تمثل دور الناطق التلفزيوني الرسمي بالمستجدات الحكومية، داخليًّا وخارجيًّا.

إن التنوع بين برامجها السياسية والاجتماعية والاقتصادية والرياضية، والثراء اللغوي الذي تستخدمه لتخدم رسالتها الإعلامية؛ سيجعلها تتفرد في القريب العاجل؛ لأنني أراها تحترم المُشَاهِد مهما كانت ثقافته وجنسيته؛ بل تُصِر على جعل هذا المشاهد شريكًا في قصصها الإخبارية، ولا أتذكر أعداد البرامج بها ربما يتجاوز عددها 10 برامج، إضافة إلى النشرات الإخبارية، التي أراها في منافسة كبيرة مع إذاعة الإخبارية التي تُخاطِب الحواس بحِرَفية عالية، وتشعل الخيال، ليراها المستمع بأذنيه وقلبه وعقله وأخيلته.

إننا أمام حدث إعلامي تجسده الإخبارية الفضائية والإذاعية، وأجد نفسي في حالة من الامتنان لفريق المذيعين، الذين يملكون الحس الإعلامي والقدرة على المحاورة، وتطويع أسئلة فريق الإعداد لتناسب المشاهد، أو الضيف وثقافته، والقدرة على المحاورة، وإن كنت أرى أن هناك نقصًا في كيفية ومتى يتم إلقاء السؤال الصعب على الضيف؛ للخروج بالإجابة التي ربما لا يريد الضيف إظهارها، أو يتحفظ على البوح بها، ورغم ذلك أرى أن "مذيعي الإخبارية" بدأوا يتخلون عن الكلاسيكية بشكل معقول، بإطلاق التعليقات الطريفة التي تلمس أفئدة المشاهدين، وتلبي حاجة في أنفسهم، خاصة في مجالات الرياضة.

صحيفة سبق الالكترونية
sabq.org