ربع درجة..!

تم النشر في

دعونا نأخذ -كبداية- الفكرة العامة لمبدأ (ربع درجة)، التي هي من المبادئ المهمة في التغيير.

القصة ابتداء من الجنرال نورمان هربرت شوارتسكوف، قائد تحالف قوات الهجوم البرية والبحرية والجوية ضد العراق خلال حرب الخليج الثانية عام 1991، التي عُرفت بعاصفة الصحراء. يقول: عندما كنتُ وزيرًا للدفاع ذهبت في مهمة تفقُّد فروع الوزارة؛ فذهبنا للقطاع البحري، وركبنا بارجة (سفينة حربية بحرية)، وعندما كنا بجوار قائد البارجة بدأ يعطي الأوامر للجنود: ربع درجة لليمين.. ربع درجة لليمين. لم أسأل وقتها ما المقصود والمعنى من ذلك! وبعد مرور 6 ساعات تقريبًا في البحر سألت قائد البارجة: ماذا كنت تقصد بربع درجة لليمين؟!".

يُكمل شوارتسكوف كلامه قائلاً: "أخذنا قائد البارجة بعدها لغرفة التحكم، وبدأنا ننظر إلى الرادار. وهنا قال قائد البارجة: عندما أمرت (ربع درجة لليمين)، وبدأت البارجة الضخمة بالاتجاه يمينًا بمقياس (ربع درجة)، هل شعرت بذلك حينها؟". قال شوارتسكوف: لا. ثم استطرد قائد البارجة قائلاً: "أنا أمرت بربع درجة لليمين قبل ست ساعات. والآن انظر لاتجاه البارجة فهي إلى أين؟ كانت البارجة تتجه في اتجاه، وبعد الانحراف ربع درجة لليمين، ومرور ست ساعات، أصبحت تتجه في الاتجاه المعاكس تمامًا (أي إنها انحرفت 180 درجة)، فعادت للاتجاه المعاكس".

يقول بعدها نورمان شوارتسكوف: تنبهت إلى مبدأ ربع درجة في حياتي.. ماذا يعني ذلك؟! عندما أريد تغيير عادة سلبية لدي، أو كسب عادة إيجابية، أطبق مبدأ (ربع درجة). فأقول: ماذا لو قرأت كل يوم لدقائق من باب زيادة الثقافة؟ ماذا لو مارست تمرينًا رياضيًّا كل يوم لمدة دقائق بسيطة؟ ماذا لو جلست في فترة تأمُّل وتدبُّر لدقائق؟ ماذا لو بدأت تهجر عادة سيئة أو سلبية كانت ملازمة لك لسنوات، وبدأت تقلل منها شيئًا فشيئًا؟ ماذا لو بدأت تتدرب على مهارة معينة؟ ماذا لو.. ماذا لو.. ماذا لو..

تأمل كيف ستكون النتائج بعد شهر أو شهرين، أو بعد عام كامل.. وهكذا.

هي بنتيجة تحرك البارجة نفسها ربع درجة لليمين، وبعد ست ساعات عادت في الاتجاه المعاكس دون أن يشعر الركاب.

وهكذا يكون التغيير الإيجابي في حياتك دون أن تشعر بصعوبة الأمر.. لنتذكر دائمًا المبدأ النبوي الشريف "قليل دائمٌ خير من كثير منقطع". فهذه السُّنة النبوية لو طبَّقناها خير تطبيق لتغيَّرت حياتنا للأفضل.

ولابد أن نستحضر جميع الاحتمالات حتى وإن أخفقت.. فكن مستعدًّا للتسامح مع نفسك في هذه الحالة، ولا تسمح لإخفاقات الحاضر والماضي بأن تُدمِّر نجاحك المستقبلي؛ لأن الغد يحمل فرصة جديدة لك.

ولنتذكر أن بداية التغيير هي الأصعب.. وبعد ذلك ستُطرب لحلاوة التغيير الإيجابي وآثاره -بإذن الله-.

صحيفة سبق الالكترونية
sabq.org