الشطارة أم الخبرة.. أيهما يكسب..؟!
كثير من الأعمال على مختلف أسمائها، ومهامها، فضلاً عن الحياة بعمومها، عادة تحتاج إلى خبرة، مع أن الخبرة أيضًا لا تأتي إلا بالعمل والتجربة؛ إذ من غير العمل والتجربة من أين ستأتي الخبرة..؟! ولذلك سأخرج قليلاً عن مضمون المقال؛ لأقول إن المبالغة في طلب أو شرط الخبرة في حق الخريجين والخريجات يعتبر إجحافًا في حقهم، يجب أن يتلاشى، ويكون ماضيًا وولَّى..!!
وهنا، نحاول بقدر المستطاع أن نُفرِّق بين الخبرة والشطارة أو المهارة، وهل وجود أحدهما كافٍ أم لا بد من توافُر الشرطين؛ كي يكون خبيرًا بكل نواحي الحياة..؟!
في هذا المقال لا أقصد بتلك الخبرة التي تُطلب عادة في الأعمال، وإنما قصدت تحديدًا الخبرة من واقع فهم الحياة، فمهما كان الإنسان مثقفًا أو فاهمًا - إن صح التعبير -، ومطلعًا جيدًا، إن لم يكتسب الخبرة الكافية من خلال خوض التجارب في الحياة فلن تنفعه نباهته أو قراءاته تلك مجتمعة، إن لم يكن ماهرًا أو شاطرًا في هذا المجال أو ذاك..!! تلك حقيقة وواقع يجب الاعتراف بها؛ إذ التجارب والخبرة الكافية لا تقاس بالعمر، ولا بالمكانة الاجتماعية، ولا بمعدل الذكاء (IQ) ، وإنما تقاس بما مرَّ به الإنسان (من الجنسين) من تجارب في واقعه، وإن كان بعضها مؤلمًا، وإن كان بعضها فيه خيبات ونكبات، قد تكون من أقرب الناس، إلا أننا نتفق على أنها تساهم في تشكيل وبلورة شخصيته، ومدى توافقها مع إيقاع الحياة الحالي؛ لأنه ربما في المستقبل تتغير الظروف والأحوال تبعًا للمعطيات في كل مجال..!
كم من أناس وصلوا لسن الأربعين، وربما الخمسين، وربما أكثر، ولكن ليس لديهم الخبرة الكافية في كل أمور الحياة، بل قد لا تجد لديهم أي خبرة أبدًا (أبيض). وهذا عادة محال في أكثر الأحوال، ولكن على الأقل فيه حد أعلى وأدنى، ونسبة وتناسب بين كِبَر السن نوعًا ما والمفترض أن يكون لدى المرء كحد أدنى من مخزون - إن صح التعبير - من التجارب في أغلب الأمور على أقل تقدير، على سبيل المثال الاجتماعية والاقتصادية خاصة، فلا يُعقل أن يقدم المرء على أي مشروع، ويضع فيه تحويشة عمره كما يقال، وربما يستدين، ويستدين أكثر، وهو لم يدرس المشروع من جوانبه كافة، أو بما يصطلح عليه بـ"دراسة الجدوى" التي عادة تكون بسؤال أهل الخبرة من المجال نفسه، أو حتى من بعض بيوت الخبرة عن دراسة الجدوى تلك على سبيل المثال، أو يأخذ برأي من لهم خبرة في هذا المجال أو ذاك؛ حتى لا يكون حبيسًا للديون طوال عمره، أو تتوقف خدماته والتزاماته المالية؛ وبالتالي تتوقف حياته، ويندم، ولات ساعة مندم حينها ووقتها. والله الموفق لكل خير سبحانه.