في يوم التأسيس: نستحضر الذكرى لنصنع الأثر

يصادف الثاني والعشرون من فبراير كل عام، ذكرى عزيزة على قلوبنا، هي ذكرى يوم التأسيس التي نستحضر فيها أحداثًا جسامًا بدأت قبل 3 قرون مع إعلان الإمام المؤسس محمد بن سعود عام 1727م/ 1139هـ تأسيس الدولة السعودية الأولى.

هذا اليوم يجسد رسوخ هذا الوطن وأصالته، ويؤكد أن بلادنا ليست دولة طارئة على التاريخ أو الجغرافيا، فقد سبقت في تأسيسها العديد من الدول الكبرى.

هذا اليوم المَجيد يحمل رمزية الوفاء من هذا الشعب الأصيل لكل من كانوا وراء هذا الإنجاز الكبير الذي لم يكن ليتحقق لولا تضحياتهم وصمودهم وحكمتهم، التي وضعوا من خلالها بصماتهم على صفحات التاريخ، بعد أن خرجوا من ضيق الأنا إلى اتساع الهدف وشموله، وسمو المقصد ونبله.

فمن درعية العز.. قصة تحكي التقاء الأصالة بالوفاء، نفخر فيها بنموذجنا الوحدوي الممهور ببصمات صناع التاريخ، وتأخذنا بتجاربها البطولية، لنعيش ازدهار الحاضر برؤية رسمت طموحات المستقبل.

هذا اليوم الذي يمثل في رمزيته إعلانًا عن ميلاد أمة عظيمة؛ يأتي فرصة لنا لنرسخ ثقافة المواطنة في الأجيال القادمة، ونؤصل دلالات الولاء وعمق الانتماء في وعيهم الجمعي، ولنقدم -كما هي عادتنا- نموذجًا للوحدة الوطنية غير مسبوق عبر التاريخ، ونماذج عظمى للإنجازات التنموية الشاملة التي نزهو بها وهي تلامس كل شبر في هذا الوطن العظيم.

لقد شكّلت الدولة السعودية الثالثة والثانية والأولى امتدادًا طبيعيًّا لبعضها في كل مراحلها؛ حيث لم يفصل بين الدولة الأولى والثانية سوى سبع سنوات، والثانية والثالثة 10 سنوات، وهي حقب تاريخية تميزت بالعزيمة والإصرار والصبر، وصدق الطوية ونقاء السريرة؛ مما تَمَخض عنه هذه النماذج الوحدوية الفريدة، رغم المشهد المضطرب الذي كانت تمور به المنطقة في كل مرحلة من مراحل هذه الدولة العظيمة.

لذا جاء الأمر الملكي الكريم من خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز -يحفظه الله- للاحتفاء بهذا اليوم وفاءً لأئمة الدولة وملوكها ممن ساهموا في وضع لَبِنَات البناء، بما يؤكد القيمة الرفيعة لبلادنا وهي تعظم صانعي أمجادها وكاتبي ملاحم تاريخها باعتباره أصلًا لحاضرها ومستقبلها، وليقف العالم كله مع قصة أمجادنا يرنو إليها بشغف محاولًا الاستفادة من تجاربها الكبيرة التي جعلت الوطن - إنسانًا وأرضًا- عنوانًا لمسيرتها وازدهارها.

وأمام هذه التجربة الاستثنائية الفريدة التي تصدح فيها سيمفونية الأصالة بألحان التطور والنمو، في ظل التحولات الكبرى المتناغمة مع طموحاتنا في مشهدنا المعاصر؛ نقف مفتخرين بنموذجنا السعودي الممهور ببصمات صناع التاريخ، فنستحضر الذكرى لنصنع الأثر، متنقلين بين ملاحم الولاء وملامح البناء الذي نرفع أيقونته نابضةً بمدخلات الوفاء ومخرجات العطاء، رافعين شعار: "يد تبني، وأخرى تحرس".

فبين الدرعية والرياض، أشرقت شموس الحب، الممزوج بالتلاحم الوطني، وانطلقت قافلة التنمية التي نستلهم من خلالها البدايات ونزهو معها في حاضر المنجزات، معانقين المستقبل برؤية ريادية تلبي احتياجات التنمية المستدامة.

مؤكدين دومًا أن تاريخنا يستحق أن نفتخر به ونحتفي، ونذكّر بكل مسارات دولتنا من خلال يوم التأسيس، مستذكرين ما قدّمه أئمة هذه البلاد وملوكها لصناعة هذا المشروع الوحدوي الفريد الذي تمخض عنه سعوديتنا العظمى في ظل قيادتنا الرشيدة.

إنها ملاحم الأمجاد، وأيقونة العز التي لازمت تاريخ هذه الأرض المباركة، التي رددنا معها ترانيم البطولة واحتضنا قصصها الملهمة في قلوبنا، نابضة بالحب والوفاء والبناء والعطاء.

ولا يسعني مع هذه الذكرى العزيزة إلا رفع أسمى آيات التهاني لمقام خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز وسمو ولي عهده الأمين رئيس مجلس الوزراء صاحب السمو الملكي الأمير محمد بن سلمان، وللأسرة المالكة وللشعب السعودي النبيل؛ سائلين الله أن يُديم على بلادنا أمنها وأمانها واستقرارها.

الرئيس التنفيذي لجمعية البر بجدة

صحيفة سبق الالكترونية
sabq.org