الباحة.. بيئة سياحية طوال العام
لا يختلف اثنان على أن الباحة ذات طبيعة ساحرة وجذابة للكثير من السياح من داخل السعودية وخارجها، ولكنها تحتاج -إضافة إلى جمال الطبيعة واعتدال مناخها- لجهود كبيرة ومخلصة، سواء من الدولة -رعاها الله- أو من أبناء الوطن المخلصين؛ لإقامة المشاريع ذات الجذب السياحي؛ فليس من المعقول أن يأتي المصطاف فلا يجد السكن المريح؛ فالفنادق قليلة جدًّا، والشقق المفروشة بعضها لا يرتقي إلى المستوى المطلوب لاحتياج السائح أو المصطاف.
لقد كنت في نقاش مع سعادة المهندس محمد علي الفعر، المدير العام لمشاريع المياه بمنطقة مكة المكرمة سابقًا وأحد أبناء المنطقة المطلعين، عما ينقصها من احتياجات للارتقاء بها، وشحذ همم أبنائها، خاصة الإعلاميين؛ للتركيز على معالم المنطقة، خاصة الأثرية منها؛ فالسائح بحاجة إلى تعريفه بالأماكن الأثرية، مثل قرية ذي عين، ومسجد الصفا في بلجرشي، الذي يعود بناؤه إلى عصر الصحابة، وهو أحد أقدم المساجد في العالم.. وغير ذلك من الآثار التي لا يعرف الزائر عنها شيئًا.
وأقترح أن يكون هناك ورشة عمل من إمارة المنطقة والأمانة والإدارات الحكومية ذات العلاقة، يشارك فها رجال الأعمال وصندوق الاستثمارات العامة والإعلاميون؛ لمناقشة ما تحتاج إليه المنطقة لتكون بيئة سياحية جذابة على مدار العام، وذلك بإقامة ورش عمل خاصة بهذا الموضوع، تشارك فيها وزارة السياحة ووزارة الثقافة ووزارة النقل ووزارة الزراعة، وإعداد خطة لمدة سبعة أعوام حتى عام 2030 لتنفيذ الخطط والبرامج المرسومة؛ كي لا يؤثر ذلك على طبيعة المنطقة التي تعتمد تضاريسها على الزراعة والخضرة الطبيعية.. وهذا ما نشاهده في الدول الأوروبية بالتطوير مع الإبقاء على الطبيعة.لقد شاهدنا الطريق الدائري الذي يجري تنفيذه لمدينة الباحة، وهو طريق المئة متر، وكيف قضى على كثير من الأراضي الزراعية، وغيّر معالم الجبال، وكان بالإمكان تقليل مساحة عرض الطريق إلى خمسين مترًا أو أقل؛ حتى لا يتم التأثير على المساحات الزراعية.
إننا في حاجة إلى تدخُّل الخبرات في هذا المجال، وتعميد إحدى الشركات ذات الخبرة في السياحة لدراسة المنطقة سياحيًّا، ووضع خطة لتنفيذ ذلك تحت إشراف صندوق الاستثمارات العامة، وإلزام الإدارات الحكومية بالعمل على تحقيق الأهداف المطلوبة.
فيجب التركيز على الأماكن الأثرية، التي لا تزال مجهولة، خاصة مباني القرى القديمة التي تم هجرها من قِبل أصحابها، وأصبح بعضها مأوى للمخالفين.
ولأن المنطقة زراعية منذ نشأتها فإن على وزارة الزراعة والمياه تدعيم الزراعات المناسبة، مثل القمح والزيتون والعنب والرمان والمشمش.. وغيرها، وإعطاء المزارعين قروضًا ميسَّرة لإعادة المناطق الزراعية إلى ما كانت عليه سابقًا، والاستفادة من المحاصيل الزراعية بتسويقها خارج المنطقة، خاصة أن النتاج الزراعي ذو جودة عالية متى ما وجد الاهتمام والرعاية.
لقد قامت الدولة -رعاها الله- بافتتاح مطار الملك سعود بن عبدالعزيز بالباحة في العقيق عام 1402 هجريًّا، وقد أصبح المسافرون من الباحة والمتجهون إليها تزداد أعدادهم يومًا بعد يوم؛ وهو ما يستوجب تطوير المطار وتوسعته بما يتناسب مع أعداد المسافرين منه وإليه، سواء من أهالي المنطقة، أو من زوارها.