للنزاهة.. وجه واحد

تم النشر في

لقد أضحت هيئة الرقابة ومكافحة الفساد "نزاهة" رغم حداثة عمرها - نموذجًا فريدًا في تحمل المسؤولية الوطنية بمعناها الشامل، وأقصد هنا عبقريتها في منظومة الرقابة والتحقيق، ثم المساءلة وسرعة البت فيما يتعلق بمنسوبيها أولاً، فالحساب والشفافية، معياران حاكمان في تعاطيها مع الأمور، ليتناغم ذلك قولاً وفعلاً مع مسماها "نزاهة"، فلا أحد فوق النظام أو القانون، لأن ما يحكمها أمانة وطن، وثقة شعب، وقبل ذلك رؤية في الحق يرسي دعائمها قيادة رشيدة، وفلسفة إدارة مقدرات وطن تعلو على المصلحة الفردية.

تتجلى تلك المقدمة مع ما كشفته هيئة الرقابة ومكافحة الفساد "نزاهة" عن مباشرتها عددًا من القضايا الجنائية والإدارية خلال شهر يونيو المنصرم، من بينها قضايا طالت حتى من منسوبي الهيئة نفسها، في تأكيد واضح أن لا أحد فوق النظام، وأن مكافحة الفساد تبدأ أولًا من الداخل، وذلك في خطوة تجسد أعلى معايير الشفافية والمساءلة والنزاهة، وتعزز مكانة المملكة عالمياً في مؤشرات الشفافية الدولية، التي تحرص عليها، لتصبح واحة للعدل والسلم الاجتماعي، والمناخ المناسب لبيئة الأعمال الحكومية منها والأهلية، والدولية، والمحلية، وتلك المعايير التي يسلط العالم الضوء عليها، فمن خلال تلك المنظومة الرقابة الحاسمة والحازمة، تصبح بيئة الاستثمار أكثر جذباً واستقراراً.

ويأتي هذا الإعلان ضمن تقرير الهيئة الدوري، الذي يعكس التزامًا راسخًا من الدولة بقيادة خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز وسمو ولي العهد الأمير محمد بن سلمان -حفظهما الله- بترسيخ مبادئ النزاهة، وتفعيل الرقابة كجزء أصيل من منظومة الإصلاح الإداري والمالي؛ كي تحقق "نزاهة" إنجازات ملموسة في وقت وجيز.

وما يدعو للفخر أن المملكة في هذا المعترك الرقابي ومكافحة الفساد، أصبحت من الدول الرائدة في هذا المجال، وقد بدأت العديد من الدول -مؤخرًا - بالاستفادة من التجربة السعودية المتفردة في منظومة الرقابة والشفافية، سواء من خلال الشراكات أو الاطلاع على منظومة العمل والحوكمة التي اعتمدتها المملكة في مكافحة الفساد وتعزيز الشفافية.

إن الأرقام التي أظهرتها نتائج شهر يونيو ، كشفت عن مباشرة الهيئة لـ (431) تحقيقًا، وضبط (130) شخصًا، وتنفيذ أكثر من (269) جولة رقابية، إضافة إلى جولات ميدانية موسعة شملت الجهات الخدمية والمواقع المرتبطة بموسم الحج.

لم يكن مستغربًا أن تبادر “نزاهة” بإعلان حالات تورط فيها بعض من منسوبيها، فالثقة التي بنتها الهيئة لدى المواطنين، والنهج الذي اختطّته المملكة منذ انطلاقة رؤية 2030، يقومان على الشفافية الكاملة ومحاسبة كل متجاوز، دون اعتبار للموقع أو حتى المنصب.

في تقديري.. ما تقوم به “نزاهة” اليوم يمثل ترجمة حقيقية لمفهوم “الرقابة المسؤولة”، ويعزز من مناعة مؤسسات الدولة ضد كل أشكال الفساد، ويمنح المواطن والمقيم ثقة راسخة بأن العدالة تُطبق دون انتقائية أو مجاملة، فالحق أحق أن يُتبع، وهكذا تُبنى الأوطان.. وهكذا تُصان المنجزات، وتتعاظم ثقة الشعب في منظوماته الرقابية؛ لدرء مخاطر الفساد، وإعلاء فلسفة العدل المطلقة، دون محاباة أو مواربة أو مجاملة

صحيفة سبق الالكترونية
sabq.org