بدعة «طالبان» بمنع تعليم النساء
وكأن الإسلام لا يعاني ما يكفي من التشويه والكراهية، قررت حكومة "طالبان" الأفغانية، منع الفتيات من التعليم الجامعي بعدما منعتهن من العمل والتعليم الثانوي. ويأتي هذا القرار ضمن القرارات الكارثية التي اتخذتها هذه الحركة بعد مرور أكثر من عام على استعادتها السلطة في أعقاب الانسحاب العسكري الأمريكي والأوروبي من ذلك البلد الإسلامي الذي استمر لعشرين عاماً.
كان من المتوقع أن هذه الحركة التي تهدف، كما تقول، إلى إنشاء إمارة إسلامية، أن تكون قد استفادت من تجربتها الأولى الفاشلة في الحكم (1996 - 2001)، لكن من الواضح أن "حليمة عادت لعادتها القديمة" لفرض حكمٍ ظلامي على الناس تحت ذريعة تطبيق الشريعة الإسلامية البريئة من أصحاب العمائم واللحى مثلما هو الحال في إيران التي نشر حكم "الملالي" الطائفي فيها التخريب والدمار والتخلف داخل إيران ذاتها، وفي بعض الدول العربية المجاورة.
من المؤسف له أن هذه الحركة قدّمت للعالم صورة قبيحة عن الإسلام الذي جاء لتخليص الإنسان من ظلمة الجهل والجاهلية التي تصر حركة طالبان على إعادة الناس إليها قصراً.
لا نريد مناقشة ممارسات هذه الحركة "الإسلامية" وممارسات "داعش" و"القاعدة" لأنها بعيدة عن الإسلام والمنطق السليم، لكننا نريد أن نناقش هذه الممارسات من منظور حقوق الإنسان وهي الركيزة الأساسية في الرسالة المحمدية.
إن من حق الإنسان، كما يدعو الإسلام والشرعة الدولية لحقوق الإنسان، أن يتمتع بالحرية، حتى عندما يتعلق الأمر بالإيمان (فَمَن شَاءَ فَلْيُؤْمِن وَمَن شَاءَ فَلْيَكْفُرْ"، وهو يتحمّل عواقب هذا القرار في الآخرة، وكذلك الحق في التعليم والعمل والتنقل وغيرها من الحريات الشخصية المنضبطة.
لكن حركة طالبان لا تؤمن بهذه الحقوق وتصر على تطبيق النسخة العرقية "البشتونية" المتخلفة وتدّعي بأنها تلتزم بأحكام الشريعة الإسلامية!
وما لا تفهمه هذه الحركة هو أن حمل السلاح وقتل الآخر، أو مرحلة الثورة، تختلف تماماً عن إدارة الدولة الحديثة وبناء مؤسساتها وبنيتها التحتية بما يؤدي إلى التيسير على حياة الناس. لكنها بدلاً من الانشغال بذلك، اختارت التضييق على الناس وخنقهم وسلب حريتهم.
وبقرارها "الذكوري" منع الفتيات من التعليم والعمل، والإصرار على سجنهن في كيس "الشادور" ووراء ظلمة الأبواب المغلقة، فإنها تحكم على نصف المجتمع بالتعاسة والموت البطيء وهذا أمر لا يمكن القبول به والسكوت عليه، ولا يمكن أن يسمح لهذه الحركة بفرض مفهومها الخاطئ للإسلام وتعاليمه السمحة.
لقد كانت البداية الأولى للإسلام بسورة "اقرأ"، لكن "طالبان" لا تقرأ ولا تريد لغيرها من الشعب الأفغاني أن يقرأ، وتريد في الوقت ذاته من المجتمع الدولي أن يعترف بها ويمد لها يد العون والمساعدة. ولو كان قادة هذه الحركة يفهمون جوهر الإسلام حقيقة لأظهروا أجمل ما فيه بدلاً من هذه البِدع التي ليست من الإسلام في شيء.
وإذا كانت هذه صورة الإسلام التي ترسمها حركة طالبان للعالم، فكيف لنا أن نلوم الفكر الغربي المتعصب والكاره للإسلام الذي يعارض حتى حق المرأة المسلمة في ارتداء الحجاب؟ وللمفارقة لقد كانت الدول الغربية، ومنها الولايات المتحدة، أول المنتقدين لقرار حركة طالبان بمنع المرأة الأفغانية من التعليم الجامعي، بينما كان الأولى أن تكون المبادرة من الجامعة العربية، ومنظمة العالم الإسلامي، وما يُسمى الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين؛ لرفض هذا القرار البعيد عن الحكمة والمنطق وإدانته!