عشرة تساؤلات من الحب والشجن أمام بوابة الوطن..!
في كل عام عندما يأتي اليوم الوطني أكون مع ذاتي أمام تساؤلات كبيرة أطرحها على نفسي قبل أن أطرحها على غيري ، وهذه التساؤلات تكوّنت عبر قراءاتي لتاريخ الأوطان وحب الأوطان وما قيل في الأوطان في الشرق والغرب وهي على النحو التالي:
●السؤال الأول:
يقول الرئيس الأمريكي الأسبق جون كيندي:
لا تسأل ما الذي يستطيع وطنك أن يقدّمه لك ؛ بل اسأل نفسك ماذا تستطيع أن تقدّم لوطنك؟
وأنا في كل صباح أسأل نفسي ماذا أستطيع أن أقدم لوطني؟!
●السؤال الثاني:
يقول علي بن أبي طالب -رضي الله عنه-:"عُمّرَت البلدان بحب الأوطان"؛ والمعنى: لأن الأوطان تزدهر بحب مواطنيها ..
لذلك أسأل نفسي في كل صباح عن كمية الحب الذي يجعلني أساهم في تعمير وطني.
●السؤال الثالث:
هناك مقياس دقيق يستطيع الإنسان أن يقيس به حبه لوطنه، وهو كالتالي:
أن يعتبر بيته الذي يسكن فيه وطنه الصغير، ويعتبر الوطن الكبير الذي يسكن فيه بيته الصغير! لماذا؟
لأنّ الإنسان حريص على نظافة وهدوء وجمال منزله ومتى نقل هذا الحرص إلى الوطن بحيث يجعل بيته هو الوطن ويجعل الوطن هو بيته يكون قد حقّق المواطنة الصالحة ، فهل نحن نفعل هذا؟
●السؤال الرابع:
يقول الفلاسفة: "من لا يعرف إلا وطنه لا يعرف وطنه"، ويقول الشاعر محب الخطيب: "تَحنّ الكرام لأوطانها حنين الطيور لأوكارها"، وأنا أقول: "إنّ الغربة تجعلنا نعرف قيمة الوطن الذي نعيش فيه".
إلى أيّ مدى تستشعرون قيمة الوطن وتحنّون إليه عند السفر أو الابتعاد عنه؟
●السؤال الخامس:
هناك إجماع بين كل الذين كتبوا عن الوطن حيث يقولون: إننا نسكن في الوطن، ولكن هل فكرت بأن تجعل الوطن يسكن فيك؟
بمعنى آخر: هل عكست المسألة؛ بحيث تجعل الوطن يسكن فيك قبل أن تسكن فيه؟
وقد قال المنفلوطي في هذا المعنى:
الوطن ليس أرضاً نعيش عليها، بل هو أرضٌ تعيش فينا.
●السؤال السادس:
يقول غازي القصيبي: الوطن هو رغيف الخبز والسقف والشعور بالانتماء والإحساس بالكرامة.
نعم.. هذا وصف جميل ؛ ولكن هل فستان هذه المفردات يغطي جسد الوطن الكبير؟
●السؤال السابع:
قالوا عن الوطن وقالوا وقالوا، ومازالوا يقولون وسيقولون، ولكن التحدي الكبير أن اللغة العربية هي فقط ثمانية وعشرين حرف وهذه الحروف أصغر من مساحة وطن!
نعم.. قد تعطينا اللغة بعض المعاني وبعض المباني وبعض الأوصاف والتعابير؛ ولكن الوطن قبل اللغة؛ لذلك أرى أن كل القصائد التي قيلت في الوطن هي تدور حوله وتتلمس بعض جوانبه، ولا يمكن أن تحيط به!
وفي ذلك قلت:
الله أكبر ؛ فوق الوصف يا وطني..
كل القصائد تقريب وإيحاء
●السؤال الثامن:
من جماليات الوطن أنه يثق بك قبل أن يعرفك؛ فأنت قبل أن تولد تأكل من خيراته وتتفيأ ظلاله وتنام على أمنه، هو -كما يقول أهل الصحراء-:
( راعي الأوّله )
وهنا يقول أحمد شوقي:
وللأوطان في دم كل حر..
يدٌ سلفت ودينٌ مستحقُ!
هذا الوطن الذي أطعمك قبل أن تولد؛ إنه أعطاك الجميل، سلّفك دون أن يطلب منك أي ضمانات!
وهنا يقول شيخنا أبو سفيان العاصي:
الوطن كالوالدين؛ مهما فعلت لن تستطيع أن ترد الجميل الذي قدمه لك!
وهنا نطرح سؤال : كيف سنرد جمائل الوطن؟
●السؤال التاسع:
شعار اليوم الوطني في هذا العام هو (عِزّنا بطبعنا) نعم .. طباع أهل هذا الوطن الجميلة كثيرة ومثمرة منها على سبيل المثال:
الأصالة، الطموح، الكرم، الفزعة، الجود، العطاء، الشهامة، التراحم....إلخ.
أعلم أن كل منا يتمتع بهذه الصفات بمقدار معين، فهل حاولنا أن نرفع هذه الصفات لنجعلها تحصل على تقدير ممتاز؟
●السؤال العاشر:
الوطن إن أعطاك فهو عظيم ، وإن لم يعطيك فهو عظيم أيضاً، يقول الشاعر الشريف قتادة بن إدريس:
بلادي وإن جارت عَليّ عزيزة..
وأهلي وإن ظنوا عَليّ كرام
والشاعر هنا يقول:
إنّ بلاده لو جارت عليه عزيزة ، وأهله لو بخلوا عليه فهم كرام أيضاً!
بمعنى آخر: أن حالة الوطن وأهل الوطن حتى وإن كانت متواضعة متردية، فإن الوطن يظل في القلوب قبل العيون.
وهنا دعونا نقلب السؤال:
ماذا إذا كنت تملك وطناً مثل المملكة العربية السعودية آمنٌ مطمئن عادلٌ كريم جواد مبارك مثمر معطاء، أهله طيبون خيرون .. في هذه الحالة ألا يجدر بنا أن نضاعف الحب من مرة إلى عشر مرات ونضرب الحب الواحد الذي تحدّث عنه الشاعر بعشرة، طالما أننا نملك وطن عظيم يعيش برؤية ثاقبة وقيادة عظيمة.