وزارة التعليم.. ونفسيات المعلمين والمعلمات..!!

تم النشر في

يبدو أن وزارة التعليم تتعمد بشكل أو بآخر إصدار قرارات مهمة وحيوية لمنسوبي المدارس من معلمين ومعلمات، وهم ما زالوا في إجازاتهم. ويا ليت إعلان تلك القرارات التي تهم التعليم والمعلمين والمعلمات قبل بداية الدوام بيوم أو يومين، أو ليت الوزارة تصب مجمل قراراتها تلك في الأسبوع الأول للعودة، بدلاً من تجزئتها في أيام إجازتهم السنوية..!! فذلك في اعتقاد الكثير أجدى وأنفع، مهما كانت صدمة تلك القرارات..!!

وتلك القرارات التي تكون في منتصف أو بداية إجازة المعلمين والمعلمات غير مجدية. وهنا يبرز تساؤل بحجم وزارة التعليم: ألا يوجد مسؤولون في الوزارة تخصصاتهم علم نفس، أو لديهم ماستر أو دكتوراه في الإرشاد النفسي، حتى يرشدوهم ويوجهوهم إلى أن ذلك قد يكون له تأثير نفسي على نفسيات المعلمين والمعلمات..؟! وبالتالي قد ينعكس ذلك على عطائهم في التدريس لأبنائنا وبناتنا الطلاب والطالبات..!!

ولأن التشجيع لا يكون بالكلام وشهادات التقدير فقط، بل يتعدى ذلك إلى الأفعال التي تترجمها القرارات والتعاميم على أرض الميدان التربوي، التي لم نكن نشاهدها في السابق سوى في السنوات الأخيرة فقط، ولا نعلم ما السبب..؟!

أما فيما يخص سد العجز في المدارس فذلك مطلب إدارات التعليم منذ الأزل، وليس وليد اليوم؛ وذلك نظرًا للتقاعد المبكر لمسنوبي المدارس، أو ببلوغ السن لبعضهم، إضافة إلى فتح مدارس جديدة في المدن والمحافظات.. ولكن أن يسدَّ ذلك العجز بعض منسوبي المدارس فوق أنصبة تدريسهم، أو من الإداريين والإداريات، الذين مطلوب منهم أعمال إدارية، مثل المدير والوكيل والموجهين الطلابيين، فبدلاً من شكرهم والتخفيف من الأعباء الإدارية التي يقومون بها، يُكلَّفون بحصص تدريس، فكيف يستقيم ذلك مع عملهم الإداري، الذي تم تفريغهم من أجله..؟!

ولا ننسى أن وزارة التعليم أضافت مواد جديدة في السنوات الأخيرة، كمادة التفكير الناقد، والمهارات الحياتية، وفي حصص الرياضة كالدفاع عن النفس، وحصص البدنية في تعليم البنات، وهذا العام ستضاف مواد جديدة كالذكاء الاصطناعي، وغيرها من مواد جديدة خلال العام القادم، وربما مواد أخرى خلال الأعوام القادمة، وذلك أمر جيد، ولكن لماذا لا تعتمد الوزارة تعيين معلمين ومعلمات جدد حتى يتم تغطية الحصص لتلك المواد الجديدة، التي يتم توزيعها على معلمين ومعلمات غير متخصصين فيها؟ وهل ننتظر بعد ذلك جودة تعليمية ممتازة تتوافق مع رؤية 2030 الطموحة..؟!

نتمنى من بعض مسؤولي الوزارة معرفة واقع المدارس قبل إصدار مثل تلك القرارات، التي سوف ينتج منها اليوم أو مستقبلاً عودة كل الإداريين من المديرين والوكلاء والموجهين للتدريس، وترك عملهم الإداري ذلك؛ طالما هم مكلفون بأعباء نصاب تدريسي بجانب العمل الإداري؛ إذ هم غير مجبرين على أن يجمعوا بين العمل الإداري والتدريس في وقت واحد؛ فعودتهم للتدريس أفضل لهم بدلاً من التشتت بين العمل الإداري وجدول الحصص؛ وبالتالي كيف ستغطي الوزارة الخلل الذي سيحدث في البيئة المدرسية طالما سيغطي بعضًا من تلك الحصص الكادرُ الإداري، الذي سبق أن فرّغتهم الوزارة وإدارات التعليم حتى تستقيم المنظومة التعليمية في المدارس، وتكون بداية جادة لعام دراسي جديد، بدلاً من تلك القرارات التي قد تربك الميدان التربوي..؟!!

وختامًا.. أود أن أذكِّر مسؤولي وزارة التعليم بالخريجين والخريجات، ممن اجتازوا اختبار الكفايات في التعليم، بل إن كثيرًا منهم حاصلون على الرخصة المهنية، فلماذا لا تستعين بهم الوزارة بشكل أكبر وأكثر في سد العجز الحاصل في المدارس، على حد قول وزارة التعليم؟!

مع أننا لا نجد عجزًا حقيقيًّا كالسابق بسبب إغلاق كثير من المدارس الابتدائية، وتحويلها لمدارس الطفولة المبكرة، وتوزيع معلميها على مدارس المرحلتين المتوسطة والثانوية؛ ما جعل كثيرًا من المعلمين ببعض التخصصات، خاصة التخصصات النظرية، تقل أنصبتهم إلى 10 حصص وأقل بسبب فائض المدارس التي تم تذويبها من المرحلة الابتدائية. وفي العام الدراسي المقبل 1445هـ كل مدارس المرحلة الابتدائية سوف تتحول إلى طفولة مبكرة؛ وبطبيعة الحال سوف يتم توزيع معلمي تلك المدارس على المرحلتين المتوسطة والثانوية لتغطية العجز بها إن وُجد، بل نرى كثيرًا من التخصصات كاللغة العربية والتربية الإسلامية والاجتماعيات لا يتعدى نصاب كثير منهم 5 حصص و10 حصص فقط، فأين العجز هنا..؟!

وقد يكون العجز في بعض التخصصات كالرياضيات واللغة الإنجليزية والعلوم؛ لذلك لماذا لا تستعين الوزارة بالخريجين والخريجات المؤهلين منهم، ولو بالتعيين عن طريق العقود في إدارات التعليم، فهم راضون بذلك، بدلاً من تغطية العجز بإلزام المعلمين بتدريس مواد غير متخصصين فيها، وكذلك إلزام الإداريين بحصص؛ وهو ما يُحدث خللاً واضحًا في المدارس؛ إذ لو راجع أحد أولياء الأمور إدارة المدرسة، ولم يجد المدير أو الوكيل أو الموجِّه الطلابي، وقيل لولي أمر الطالب إنه عنده حصص، فقد يلزمه ذلك الانتظار طويلاً فيما لو كانت حصص ذلك الإداري متتالية طوال اليوم..!!

صحيفة سبق الالكترونية
sabq.org