(عصفورية) الميديا
** محتوى مَنْ يتصدرون تطبيقات التواصل الاجتماعي على السوشال ميديا تعدَّى متابعي حساباتهم "الفارغة" إلى وسائل الإعلام التقليدية والجديدة عبر ما يسمى "الترند"؛ فأصبحت تتناقل أخبار ومقاطع "المشاهير"؛ لتصنع منهم نجومًا، تُقدِّمهم لغير متابعي حساباتهم عبر منصات التواصل؛ ما يوحي لمهووسي الشهرة بأنهم قدَّموا مفيدًا اهتمت به الصحف، وتناقلته الفضائيات!!
** فالشهرة فلاشات، لها بهرجتها، لكنها تُفقد صاحبها توازنه أحيانًا، خاصة مَن وجدها سبيلاً للتعبير عن ذات مغمورة، أو منقوصة الحظوة، أو تعاني تهميشًا في محيطها؛ فتندفع لتقديم ما يلفت الأنظار بغية كسب المعجبين والمتابعين.. وربما تحوَّل الأمر إلى مشكلة نفسية، تعرض كل شيء على الملأ لإرضاء نفس مغرورة.
** وحب الظهور حاجة غريزية، لا يختلف عن غيره من الحاجات العاطفية والاجتماعية والبيولوجية، كما يرى علماء النفس، لكنه قد يتحول إلى حالة مَرضية، ترى أنها محط الأنظار، ولها تأثيرها الكبير في المجتمع!! خاصة مع تركيز وسائل الإعلام -غير تطبيقات التواصل- على ما يصدر عن هؤلاء، أو تفاعُل المجتمع مع ما يُنشر في حساباتهم.
** هذا التعاطي من وسائل الإعلام مع تفاهات "بعض المشاهير" دفع الكثيرين للتوسع في بث محتوى "فارغ"، وعدم التورع عن خصوصيات الأشخاص والأسر؛ للفت الأنظار، وزيادة المتابعين للانتقال لهدف آخر، هو هدف تجاري من خلال الإعلانات التسويقية التي تتجه للأكثر متابعة مهما كان مستوى المحتوى المقدَّم!!
والعجيب انتقاد بعض المتابعين لما يقدمه بعض "مشاهير" التطبيقات التقنية، بينما يستمرون في متابعة حسابات صانعيها، وكأنهم يستزيدون من "التفاهة"! فهؤلاء "المشاهير" هم صنيعة المتابعين، ولو تركوهم لانطفأت هالة الضوء حولهم.
** هنا أعود لوسائل الإعلام التي أصبحت متلقية، تلاحق "الترند"، وكأنها تروِّج لبضاعتها من خلال مشاركاتها في نشر محتوى بعض المشاهير، وردود الأفعال حول ما يقدمونه.. والأولى بها أن تُقدِّم قراءات واعية لواقع هذه التطبيقات، وسيل النشر من خلالها؛ لتسهم في تثقيف الشباب الذين أغرى بعضهم الظهور والمال لتجاوز الخصوصيات إلى مشاركة كل شيء، وبأي طريقة، طالما أنه سيحظى بمتابعين يتفاعلون مع ما يُقدَّم.
** هذه الحالة الهستيرية التي وصل إليها بعض المتصدرين من طالبي الشهرة جعلتهم رهن تحقيق هذا الهوس، كلاعب السيرك الذي يقفز من مكان لآخر قفزات غير محسوبة في كثير من الأحيان، كضيف العصفورية الذي يحتاج إلى مَن يعيد توازنه.
** ولا يُفهم من هذا أن الشهرة مذمومة في مجملها، بل هي وسيلة لبناء العلاقات الجيدة في محيط اهتمام الشخص عبر هذه الوسائط العابرة للحدود. وأيضًا تصدُّر الحسابات ليس على مستوى واحد؛ فهناك حسابات عبر تطبيقات مختلفة تُقدِّم محتوى جيدًا. ومع ذلك فإن التعاطي الأبرز والرواج الأكبر هو نصيب "التفاهات" على حساب المحتوى الجيد.