لا تكن ترسًا في آلـة الفساد..!!

تم النشر في

المحسوبية "الواسطة" لها أوجه ثلاثة، الأول: الواسطة المحمودة، وهو من ينفع الناس دون أن يضر الآخرين، قال رسول الله ﷺ: "أحب الناس إلى الله أنفعهم للناس". والثاني: الواسطة المذمومة، وهو من ينفع الناس ويلحق الضرر بالآخرين. والثالث: الواسطة المشبوهة، وهو تقديم الخدمات والخلط بين المفاهيم والسلوك، وهنا يختبئ الفساد المذموم المنبوذ، بل إن فساد المفاهيم أخطر وأشق علاجًا من فساد السلوك، وهذا الأخير هو متن مقالي اليوم.

الفساد أشد التحامًا بالطبائع، وتزاوُج الفساد يولد شرار الصور، ويصبح سرطانًا؛ ينخر في إيمان الموظف؛ لذلك لا يجب تغييب المبادئ والقيم الأخلاقية في مراحل التعليم، ولا بد وأن يكون التعليم بها عملية مستمرة، تتوارثها الأجيال جيلاً بعد جيل، وأن تكون مسطرة العدالة والمساواة بين عينَي الموظف، وألا يكون مشرط الفساد هو من يحكم العلاقات الإنسانية.

إن إلغاء حق وتحقيق باطل يمهّد إلى ضعف الثقة تدريجيًّا في مؤسسات الدولة من جهة، وينعكس ذلك على الأفراد من جهة أخرى؛ فالشفافية في التعاملات والمعاملات، وتحقيق أقصى درجات الأتمتة الورقية والإلكترونية يبنيان جدار الثقة، ويقلصان من أدوار أرباب الواسطة، ويحفظان الحقوق، ويدعمان واجبات الموظف، ويمحوان فوهة الفساد.

مصنع الواسطة والمحسوبية لا بد أن يتوقف؛ فهو قاتل للمبادئ والقيم، ووجه قبيح من وجوه الفساد. وهذا الوجه الثالث هو من يمهد للوجه الثاني المذموم؛ فهو منبوذ، والواسطة المنبوذة أخطر أنواع الفساد الخفي. وجاء في "قانون التطور" العبارة الآتية: (فلا شيء يمنع من خان أمانته مجانًا أن يخونها مرة أخرى بثمن)، فضلاً عن كون قبولها من الأصل قد يكون تمهيدًا لقبول الرشوة.

الأمة التي تحسن أن تجهر بالحق، وتكشف الباطل؛ تمتنع فيها أسباب الفساد، الذي هو عدو التنمية والحكم الرشيد.

وعلينا أن ندفن مغارة الفساد، فإذا كنا نحارب المخدرات، ونطلق الحملات للتخلص منها؛ فإن الواسطة المنبوذة تُعادل المخدرات في الضرر، بل تزيد عليها، وبقاؤها دون محاربة سيؤدي تدريجيًّا إلى فقدان الثقة في كل عمل.

وقفات خمس:

● الواسطة والمحسوبية "المنبوذة" عمل غير أخلاقي؛ فلا تكن طرفًا فيها.

● الواسطة "المنبوذة" تُعمِّق الانتماء الطائفي والقبلي.

● إذا فسدت البيئة الوظيفية لا بد للموظف أن يحتمي بعقله؛ لينجو من الفساد.

● الواسطة "المنبوذة" فيروس اجتماعي؛ يهدد بانقراض المواهب، وتضييع الحقوق، وانهيار قيم المجتمع.

● الواسطة والمحسوبية وحش؛ يحتاج لصياد ماهر يقوم بمحاصرته وقتله.

صحيفة سبق الالكترونية
sabq.org