هروب الخادمات والكوميديا السوداء..!

مع قرب حلول الشهر الفضيل، شهر رمضان، هذا الشهر المبارك، تتكرر قضية هروب الخادمات، أو العاملات المنزليات، كل عام، وذلك من مختلف الجنسيات؛ وهذا بدوره يُسبب هاجسًا كبيرًا، يتكرر سنويًّا مع الأسر السعودية؛ ونتيجة لذلك تتكبد آلاف الأسر خسائر تُقدر بملايين الريالات.

وأعتقد أن السبب الرئيسي في هروب عدد كبير من الخادمات خلال الشهر الفضيل يعود إلى سبب مادي في المقام الأول؛ إذ تتداخل جهات عدة، تساهم في تسهيل عمليات الهروب الكبير، وهو أمر أشبه بما يحدث في الأفلام الكوميدية الهندية، ولكنها كوميديا سوداء؛ لأنها تتبعها مآسٍ وخسائر لا تُعوض.

لنتحدث قليلاً عن الإجراء القانوني الذي يجب أن تقوم به الأسرة عند هروب الخادمة، أو العاملة المنزلية؛ إذ يشير بعض ذوي الاختصاص إلى أنه عند هروب الخادمة المنزلية، أو العاملة المنزلية، يجب القيام بالتبليغ لمكتب الاستقدام؛ وبالتالي تسجيل إثبات الحالة، وعند ذلك يستحق المتضرر التعويض بعاملة بديلة، أو يُعاد إليه المبلغ الذي دفعه لاستقدام العاملة، بجانب التبليغ أيضًا عبر أبشر لإخلاء المسؤولية.

وللأسف الشديد، هناك سماسرة ينشطون خلال شهر رمضان، ويغرون الخادمات بالهروب؛ لتشغيلهن برواتب عالية. وهؤلاء السماسرة منعدمو الضمير هم أكثر المستفيدين من ذلك، ويعتبرون الشهر الفضيل بالنسبة لهم شهر الغنائم، ولكن -للأسف- غنائم بطرق غير قانونية، بل غير أخلاقية أيضًا، ؛ إذ يقوم بعض هؤلاء السماسرة بالتواصل مع الخادمات، ثم حملهن في سيارات خاصة، وتجميعهن في أماكن مُعيَّنة؛ ليتم بعدها الاتفاق على التشغيل، وتقاسُم المبالغ.

ولكن هناك بُعدًا اجتماعيًّا، يتعلق بقضية هروب الخادمات، خاصة مع حلول شهر رمضان، أو قبله بأيام قليلة. وحتى نكون منصفين، وموضوعيين، فبعض الأسر -وهي قليلة جدًّا- تساعد بطريقة غير مباشرة في هروب الخادمات من منازلهم بسبب التعامل غير الكريم، ومن أبرزها سوء المعاملة مع بعض أفراد الأسرة للخادمة، والعاملات المنزليات بصورة عامة، كذلك تعدُّد المهام التي تلزم بها الأسرة الخادمة؛ وهذا يدل على عدم تحديد طبيعة عمل الخادمة.

إضافة إلى صعوبة التواصل حواريًّا مع بعض الخادمات؛ وذلك لاختلاف عاداتهن وتقاليدهن عن المجتمع السعودي. وكذلك إلزام الخادمة، أو العاملة المنزلية، بساعات عمل طويلة، لا توجد بينها راحة، بجانب عدم تحديد راحة أسبوعية للعاملة، أي إجازة دورية، فضلاً عن ضَعف راتب الخادمة لدى بعض الأسر، مقارنة مع المهام الكثيرة المُحمَّلة على عاتقها.

كل هذه الأسباب تساعد العاملة على الهروب، سواء في شهر رمضان، أو غيره.

وقضية هروب الخادمات قضية تتداخل فيها جهات عدة، اجتماعية، وأمنية، وكذلك اقتصادية؛ لذا لإيجاد حلول لها لا بد من تكاتُف كل هذه الجهات، والتنسيق مع بعضها بهدف وضع حلول عاجلة وعملية لهذه القضية التي تسبب هواجس للكثير من الأسر السعودية.

أخبار قد تعجبك

No stories found.
صحيفة سبق الالكترونية
sabq.org