العلاقات الإنسانية والحياة المدنية..!!

تم النشر في

العلاقات الإنسانية بين بني البشر جميعهم، على مختلف طوائفهم ودياناتهم وأعراقهم، اختلفت وتغيَّرت، ولم تعد كالسابق، وقت أن كان يسودها الود والاحترام على الرغم من الاختلاف الجوهري فيما بينهم. هذا على مستوى الناس عمومًا من كل الأجناس، ولكن لو ضيَّقنا تلك الدائرة، وجعلناها على مستوى العائلة الواحدة، بين الأقارب والمعارف في مجتمعنا على سبيل المثال، وبين الإخوة الأشقاء، لوجدناها اختلفت اختلافًا كثيرًا، بل جذريًّا، ولم تعد روح التكاتف الأسري والعائلي والعشائري والقبلي - إن جاز التعبير - موجودًا كالسابق؛ ولذلك تغيَّر كثير من المفاهيم، وتبدَّل كثير القناعات، بل انقلبت رأسًا على عقب، وأصبحت -مع الأسف- المادة تجمعهم وتُفرِّقهم، تُقرِّبهم لبعضهم، وتُنفِّرهم من بعض، بل أصبحت المظاهر هي السائدة، يحترمون من لديه سيارة جديدة من طراز عالٍ أو ممتاز، بل وصل ببعض الناس أن ينظر لحذائك -أكرمكم الله وأجلكم-!! فإن كان جديدًا رق لك، وهش لك وبش، وإن كان قديمًا ربما ازدراك ولم يعبّرك..!!

يؤسفني –والله- أن أقول مثل ذلك الكلام، خاصة في السطر الأخير منه، فضلاً عن أن أُسطِّره في مقال يقرؤه آلاف من البشر، لكن ذلك -مع بالغ الأسف- واقع نعيشه حتى فيما بين المتعلمين بأعلى الشهادات، وغيرهم من حملة الشهادات الأقل فالأقل؛ ولذلك أصبح عصرنا ماديًّا صاخبًا، ولم يعد العقلاء يحتملون ذلك..!! كنا قبل سنوات نقول إن ذلك يحدث بين الناس عمومًا، ثم ضاقت الحلقة حتى وصلت للأقارب والمعارف، حتى ضاقت أكثر، ووصلت للعائلة الواحدة، بين الإخوة والأخوات؛ فأصبح يجمعهم ويُفرِّقهم المال، والمصالح الشخصية، والمظاهر الخداعة؛ متى انتهت مصلحته غادر، ولم يعد يسأل عن أخيه أو أخته ولو باتصال عابر، بل أصبحوا يلتقون في المناسبات كالأعياد، هذا إذا اكتملوا في الحضور..! أو الأفراح، أو مناسبات العزاء.. وكنا نتعجب منذ سنوات حينما كان يحصل ذلك بين الأقارب والمعارف فيما بينهم، حتى وصل ذلك الأمر بين الإخوة والأخوات الأشقاء من أب وأم، مع بالغ الأسف..!!

وختامًا.. تلك الحياة المدنية الحديثة بكل تفاصيلها، وتغيُّر إيقاعها بشكل سريع، ساهمت بشكل أو بآخر فيما وصلنا له من قطع لما تبقى من أواصل العلاقات الإنسانية كما وصفتُه آنفًا، حتى وصل ذلك الأمر للعائلة الواحدة.. وهو جدير -في رأيي المتواضع، ورأي المهتمين من الجنسين- بأن يُدرس من قِبل ذوي الاختصاص، مثل أساتذة علم النفس، وعلم الاجتماع في الجامعات.. فهم المعنيون بدراسة العلاقات الإنسانية وتغيُّرها؛ لعلهم يجدون لها حلاً أو علاجًا ناجعًا؛ يعيد دفء تلك العلاقات لسابق عهدها؛ حتى نضمن -بإذن الله تعالى- عدم انتقال تلك العدوى المدمرة للأجيال القادمة على الأقل، ولو بتكثيف التوعية عبر السوشال ميديا، التي قد تكون أشد فتكًا من الأمراض والجائحات التي اجتاحت العالم مؤخرًا، مثل كورونا وغيرها..! والله الموفِّق لكل خير سبحانه.

أخبار قد تعجبك

No stories found.
صحيفة سبق الالكترونية
sabq.org