انعقدت قمة مجموعة العشرين G20 في العاصمة الهندية نيودلهي، بمشاركة سعودية حافلة كعضو أساس، بوفد رسمي رفيع تحت رئاسة سمو سيدي ولي العهد الأمير محمد بن سلمان -حفظه الله-، الذي حظي بحفاوة الاستقبال، واهتمام كبير من وسائل الإعلام الهندية والعالمية؛ إذ الأنظار والآمال تتجه نحو سموه الكريم كقائد فذ بحثًا عن الشراكات الاستراتيجية مع السعودية سياسيًّا واقتصاديًّا؛ لما لها من ثقل سياسي ومكانة اقتصادية، ولما تشهده من نهضة تنموية غير مسبوقة في تاريخ المنطقة.
لقد تزامن انعقاد قمة مجموعة العشرين مع صدور تقرير صندق النقد الدولي لسنة 2023م، الذي صنف الاقتصاد السعودي بالأسرع نموًّا بين اقتصادات دول مجموعة العشرين بنسبة نمو بلغت 8.7%، وبزيادة نمو الناتج المحلي غير النفطي بنسبة 4.8%؛ الأمر الذي يعني اقتحام الاقتصاد السعودي تدريجيًّا مجالات التنمية الاقتصادية كافة على مستوى العالم، استثماريًّا وصناعيًّا وتجاريًّا، فضلاً عن دورها الرئيس في مجال الطاقة.
وتجدر الإشارة إلى أن السعودية قفزت 25 مقعدًا في عام واحد في مؤشر الأداء الاقتصادي لدول مجموعة العشرين؛ إذ كانت في المركز الـ31 عام 2022م؛ لتصبح في المركز الثاني في العام الحالي 2023م؛ الأمر الذي يعكس حجم الجهود المبذولة، ويثبت نجاح الخطط المدروسة الراسخة.
هذه الأرقام والنسب المعلنة تؤكد مُضي السعودية قُدمًا نحو التنمية والتقدم والتطور بخطى راسخة، ومجاراتها كبرى دول العالم في مجال السياسة والاقتصاد والطاقة والتجارة، كما تحمل في طياتها سر الريادة السعودية في المحافل الدولية، والاحتفاء الكبير بقيادتها الرشيدة.
وفي هذا الصدد شهدت قمة مجموعة العشرين حدثًا استثنائيًّا، جذب أنظار العالم، بإعلان سمو سيدي ولي العهد توقيع مذكرة تفاهم لمشروع اقتصادي بين الهند والشرق والأوسط وأوروبا؛ إذ صرح سموه الكريم بأن المشروع سيسهم في تطوير البنى التحتية التي تشمل السكك الحديدية، وربط موانئ الشرق الأوسط وأوروبا والهند، وتوفير فرص عمل طويلة الأمد، وإسهامه أيضًا في ضمان أمن الطاقة العالمي، والعمل على مد خطوط أنابيب لتصدير الكهرباء والهيدروجين.
ويأتي إسهام السعودية في هذا المشروع انطلاقًا من موقعها الجغرافي الاستراتيجي الذي يربط الشرق بالغرب، ودورها الريادي عالميًّا كمصدر موثوق للطاقة، وما تمتلكه من ميزات تنافسية ومقدرات تجعل من مشاركتها في هذا المشروع محورية لإنجاحه.
ما أعلنه سمو سيدي ولي العهد أمام العالم من منبر قمة مجموعة العشرين يُعتبر نقلة نوعية كبرى نحو رؤية مستقبلية جديدة مؤثرة تأثيرًا جذريًّا في الاقتصاد العالمي، من شأنها نقل الثقل الاقتصادي لمنطقة الشرق الأوسط، ومركزها السعودية، وتغيير الموازين والعلاقات السياسية بين الدول لعالم أكثر أمنًا وسلامًا وازدهارًا، وجعل السعودية لاعبًا رئيسيًّا في السياسة والاقتصاد العالمي؛ إذ تشكل هذه المشاريع والخطوات نواة لمرحلة مستقبلية لدولة اقتصادية نامية، حققت إنجازات استثنائية خلال فترة قياسية قصيرة منذ إطلاق رؤية السعودية 2030، وتمتلك المقومات كافة التي تجعل منها مركزًا اقتصاديًّا عالميًّا.
وفي الجانب الآخر، أقامت جمهورية الهند مراسم استقبال رسمية لسمو سيدي ولي العهد إيذانًا ببدء الزيارة الرسمية لسموه الكريم للهند، وإيمانًا منها بخصوصية السعودية، وتميزها من بين الدول، وأهمية دورها اقتصاديًّا وسياسيًّا في تحقيق المصالح المشتركة.
لقد تميزت العلاقة بين السعودية والهند كأكثر العلاقات الثنائية استراتيجية لكلتا الدولتين؛ إذ تعتبر السعودية المزود الأول للنفط بالنسبة للهند التي تعتبر ثالث أكبر اقتصاد آسيوي، فضلاً عن الشراكة التجارية في مجالات رئيسة، مثل البناء، وتكنولوجيا المعلومات، والصلب والألمنيوم، والصناعات.
وقد بلغت قيمة صادرات السعودية غير النفطية للهند 30.5 مليار ريال خلال 2022م، في حين بلغت قيمة الواردات غير النفطية 34.4 مليار ريال، وهي أرقام مرشحة دومًا للنمو عطفًا على تاريخ العلاقات الثنائية بين البلدين.
وفي الجانب الآخر تربط البلدين علاقات على المستوى الشعبي والثقافي؛ إذ تعتبر الجالية الهندية في السعودية من كبرى الجاليات المقيمة فيها، التي أشار إليها سمو ولي العهد بالإشادة، مضيفًا بأن لها دورًا كبيرًا في التنمية الاقتصادية، وهي تشكل ما يقارب 7% من التعداد السكاني في السعودية، وأنهم يعتبرون جزءًا من السعودية، ويحظون بالعناية فيها كالمواطنين.
إن ما تمخضت عنه قمة مجموعة العشرين، والزيارة الرسمية لسمو سيدي ولي العهد للهند، من اتفاقيات ومذكرات تفاهم، أكبر دليل على الجهود الجبارة التي تبذلها القيادة الرشيدة لما فيه أمن وازدهار السعودية والمنطقة، وتنبئ عن مستقبل حافل بالإنجازات على جميع الأصعدة، وتؤكد الإصرار على تحقيق مستهدفات رؤية السعودية 2030 على أكمل وجه بعون الله.
هنيئًا لنا بسمو سيدي ولي العهد قائدًا فذًّا ملهمًا؛ يجسد التطلعات والآمال على أرض الواقع برؤى ثاقبة، وخطى ثابتة، تشهد لها القادة والدول. وحفظ الله خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز وسمو سيدي ولي العهد الأمير محمد بن سلمان ذخرًا للدين والوطن.