الأول تحول

في عام 2021 انضم البرنامج الوطني لدعم إدارة المشروعات والتشغيل والصيانة في الجهات العامة (مشروعات)، إلى مركز تحقيق كفاءة الإنفاق؛ ليتحولا إلى "هيئة كفاءة الإنفاق والمشروعات الحكومية".. وتسعى الهيئة إلى الإسهام في تحقيق كفاءة الإنفاق في الجهات الحكومية، وكذلك إلى الارتقاء بجودة المشروعات والأصول والمرافق، وجودة تخطيط البنية التحتية، وضبط جودة البرامج والمبادرات والعمليات التشغيلية الممولة من الميزانية العامة للدولة، إضافة إلى متابعة تنفيذ كل جهة للبرامج والمبادرات الخاصة بها بما يحقق أهداف الهيئة؛ الأمر الذي يقود إلى حسن استثمار وإنفاق الموارد.

ورغم جمال ومثالية الفكرة التي تقوم عليها الهيئة؛ إلا أن نقلها إلى حيز التنفيذ ليس بالأمر السهل؛ نظرًا لتعدد الأطراف واختلاف الاحتياجات والمراحل والمدد الزمنية لكل مشروع أو مرفق أو أصل، وهنا يأتي دور "الدليل الوطني لإدارة الأصول والمرافق"، ليكون خير مُعين على إضاءة كل ناحية من نواحي تنفيذ هذه الفكرة النبيلة؛ بحيث يكون كل طرف على بيّنة، وتعرف كل جهة ما المطلوب وما المتوقع منها في كل مشروع، وبما يتوافق مع الواقع والمأمول، ويتناغم مع الأنظمة واللوائح، وينمو مع كل تجديد.

الدليل الوطني لإدارة الأصول والمرافق تَحقق بجهود وطنية وبعمل مشترك مع شركاء النجاح من الجهات الحكومية، ووفق أفضل الممارسات العالمية والمحلية؛ هادفًا إلى توحيد إجراءات إدارة الأصول والمرافق العامة، مع ضمان توافقها مع التشريعات المحلية، وبناء أنظمة إدارة الأصول على أسس صحيحة من خلال تسجيلها وتقييمها؛ مما يخدم اتخاذ القرار الأمثل لإطالة دورة حياة الأصول. كما يؤدي إلى إدارة المرافق العامة بفعالية وكفاءة تستند إلى مبدأ التكلفة والجودة، وتعتمد على التحسين المستمر، والحفاظ على الموارد من خلال تفعيل مفهوم التخطيط المالي لإدارة الأصول والمرافق والإدارة الفعالة لسلاسل الإمداد.

قد يكون أفضل توصيف للدليل، أنه يمثل مرجعًا شاملًا لتعزيز الجودة والكفاءة والاستدامة في إدارة الأصول والمرافق بالجهات الحكومية، وسبل الاستغلال الأمثل لموارد إدارة الأصول والمرافق الخاصة بكل جهة وإدارتها بكفاءة، كما يغطي الدليل عمل إدارة الأصول والمرافق خلال دورة الحياة الكاملة للأصول والمرافق، بدءًا من التخطيط والإنشاء واستلام المشروع، مرورًا بمراحل التعاقد والشراء، ثم التشغيل والصيانة، وانتهاء بقرار عدم الانتفاع والتخلص من المرفق أو الأصل.

إن وجود مرجع بهذه الإحاطة والمركزية؛ ضروري لنجاح عمل الهيئة؛ لأن نجاحها ينبني على حسن استيعاب الإدارات المسؤولة عن المرافق والأصول والمشاريع لما هو مطلوب منها، وما المعايير اللازم مراعاتها، على اختلاف تلك الإدارات باختلاف الجهات التي تتبعها؛ ولذلك فإن شمول هذا الدليل وتغطيته لكل الاحتياجات المعرفية للإدارات المعنية أمر في غاية الضرورة. وحتى نستوعب التفاصيل الكثيرة التي ينبغي مراعاتها؛ يكفي أن نعرف أن هذا الدليل الوطني يتكون من (17) مجلدًا، يختص كل مجلد بوظيفة محددة من وظائف إدارة الأصول والمرافق، مشتملًا على كل ما تحتاجه تلك الوظيفة لإنجاز المطلوب منها.. ولا يتوقف الدليل عند هذا؛ بل تجري مراجعته وتحديثه دوريًّا بناء على الخبرات المتراكمة وبمساهمة لجنة مشكّلة من ممثلي الجهات الحكومية، إضافة إلى ما يستجد عالميًّا في مجال إدارة الأصول والمرافق؛ لذلك يُعد هذا الدليل إنجازًا هو الأول من نوعه على الصعيد الوطني والإقليمي.

ولم تكتفِ الهيئة بإنجاز مجلدات الدليل؛ بل أتاحت الدليل على شبكة الإنترنت؛ وذلك عبر الرابط https://knowledge.expro.gov.sa/book-detail/173 لمن أراد الاطلاع عليه من شركائها في الجهات العامة وإدارات الأصول والمرافق فيها، وللمقاولين وللمكاتب الاستشارية المختصة بمجال إدارة الأصول والمرافق.

وبوجود هذا الدليل المتفرد يمكن السير قُدمًا لتحقيق الأهداف الاقتصادية التي من أجلها قامت هيئة كفاءة الإنفاق والمشروعات الحكومية؛ حيث تعمل الهيئة من خلال فريقها المُعَين في الجهات الحكومية، بتطبيق الدليل الوطني من خلال التقييم الفني والزيارات الميدانية، ووضع التوصيات والحلول وتطوير المبادرات التي ترفع من كفاءة وفعالية مستوى إدارة الأصول والمرافق.

ولكن رغم إنجاز هذا الدليل وتميز محتواه؛ فإن الخطوة الأهم تبقى في وصول محتواه إلى المستفيدين منه من الإدارات المختلفة، واستيعابهم الجيد لمحتواه، ثم السير على ضوئه في التعامل مع المرافق والمشاريع والأصول؛ ولذلك أطلقت الهيئة مؤخرًا الحملة التوعوية "الأول تحول" بسلسلة من المنشورات بمختلف الوسائط المتعددة، تتضمن التعريف بهذا الدليل الوطني، وبيان أهمية اتباع إرشاداته لتنظيم وتسهيل عمل كل جهة من الجهات الحكومية، وتوضيح ما يثمر عن اتباع الدليل من فوائد عديدة في مجالات الكفاءة والجودة، والآثار المترتبة من اتباع تعليماته على أداء الجهة والمواطنين بشكل مباشر.

الأمل يحدونا جميعًا في أن تكون هذه الخطوات الاحترافية الكبيرة سببًا في رفع الجودة في الإنفاق على المشاريع والمرافق والأصول، والذي سيصب مباشرة في مصلحة واقعنا بخلق اقتصاد مزدهر، وسنرى أثره الصحي في حيوية المجتمع وجودة الحياة.

صحيفة سبق الالكترونية
sabq.org