تسعى المنظمات المتميزة وصاحبة الرؤية المستقبلية الواضحة إلى استدامة تميُّزها، واستمرارية توسُّعها، والمحافظة على معايير الجودة العالية.. وتحقُّق ما سبق لا يكون إلا من خلال أهم أصول المنظمة، والعنصر الفاعل في تنفيذ كل أعمالها، وتحقيق أهدافها.. وهو الموظف.
وتتميز إدارة الموارد البشرية حينما تدرك أن العنصر البشري هو أهم أصول المنظمة.. والحفاظ عليه، ورفع معنويته، ومعرفة متطلباته الحالية، واستشراف المتطلبات المستقبلية، تقود إلى استمراريته واستمرارية أدائه بجودة وإتقان.
أظهرت دراسة عام 2013 لشركة (كارير بيلدر) أن 39% من أصحاب الشركات سيفقدون أهم موظفيهم خلال ذلك العام. وذكرت روز ماري، نائبة رئيس الموارد البشرية في (كارير بيلدر)، أن فشل إدارات الموارد البشرية وقيادات المنظمات في معرفة احتياجات الموظفين وتلبية رغباتهم يضعف الروح المعنوية لديهم، ويقودهم للاستقالة، ويجعل مَن يبقى منهم جسدًا بلا روح إيجابية، وقد يكون سببًا في خسارة المنظمة.
وأظهرت نتائج دراسة (كارير بيلدر) أن 70% من الموظفين الذين جرت عليهم الدراسة يجدون الزيادة المادية هي أهم وأول عوامل محبتهم للأعمال التي يقومون بها، وسببًا رئيسيًّا في استمراريتهم. و20% ذكروا أن المرونة في العمل، وإعطاء الموظف حرية لبس الملابس التي يرتاح لها، أهم الأسباب بالنسبة لهم لبقائهم في الشركة. أما النسبة الأخيرة فقالت إن الأنشطة الودية والعلاقات الإيجابية بين الموظفين، وترتيب وتنسيق رحلات ونشاطات متنوعة بين الموظفين، تجعلهم أكثر رغبة في الاستمرار في قطاعاتهم التي يعملون بها.
وقد أكدت روزماري أن الموظف يحتاج إلى أن يشعر بأنه ذو قيمة عالية بالنسبة للشركة، وأن رأيه واقتراحه مسموع، ويمكن العمل به.
ومن خلال تجربتي الخاصة، ومشاهدتي في بيئات الأعمال المختلفة، أجد أن هناك مجموعة عوامل، تسهم في الحفاظ على الموظفين، وتجعل ولاءهم وجهدهم ينصبُّ في مصلحة الشركة التي يعملون بها، وهي كالآتي:
1- اليوم الأول للموظف هو بمنزلة الانطباع الأول لدى الموظف. وكلما كان اليوم الأول إيجابيًّا، وبدأ باستقبال حار للموظف، وتعريفه بزملائه في العمل، استقرت تلك المقابلة الجميلة في ذهن الموظف، وحفزته نحو البقاء في الوظيفة. وقد سمعنا عن حالات كثيرة لموظفين غادروا شركاتهم بسبب سوء الاستقبال والمعاملة غير الجيدة في اليوم الأول.
2- تعريف الموظف بالشركة وقِيَمها وتاريخها ورؤيتها ورسالتها وأهدافها القريبة والبعيدة يزيد من انتماء الموظف لشركته.
3- تحديد المسمى الوظيفي للموظف، وإعطاؤه الوصف الوظيفي، وتحديد مهامه بشكل واضح، يجعله يشعر بأهمية دوره داخل هذه الشركة.. وهذا يزيد من رغبته في البقاء والاستمرار.
4- منح الموظف راتبًا ومميزات تتناسب مع المستوى الوظيفي الذي يمارسه؛ بما يجعله عندما يقارن ما يتقاضاه مع أقرانه في الجهات الأخرى يجد نفسه في المستوى نفسه وربما أعلى.
5- العناية بالموظف وأسرته تعتبر عاملاً رئيسيًّا، يجذب الموظف للاستمرار والبقاء في الشركة.
6- وضوح المسار الوظيفي للموظف، ومعرفة السنوات التي يحتاج إليها للترقي، يسهمان بشكل كبير في محبة الموظف لشركته، وزيادة ثقته بها.
7- وضوح الإجراءات والسياسات داخل المنظمة يزيد من ثقة الموظف بقيادات تلك الشركة، وشعوره بالعدالة يجعله يحرص كل الحرص على أن يقدم لشركته كل ما بوسعه لتحقق مزيدًا من النجاحات.
ومن هنا فإنه يجب على قياديي الشركات والقطاعات المختلفة إذا أرادوا موظفين مغرمين بوظائفهم أن يحرصوا على تطوير وتدريب وتوفير سبل الراحة والأمان للموظفين، ومعرفة احتياجاتهم؛ وذلك من أجل تلبيتها.. وهذا سيحقق -بإذن الله- المنفعة للموظف والشركة والمجتمع.