الظاهرة التي تحتاج إلى علاج!!
قبل أكثر من ثمانية عقود كان التبكير في الزواج لكلا الجنسين أمرًا طبيعيًّا؛ لأن الحياة بالأمس تختلف عن حياة اليوم. ونعلم يقينًا ما لهذا التبكير من فوائد، منها: عدم الوقوع في براثن المعصية، تحمُّل المسؤولية مبكرًا، توفير قدر من الاستقرار النفسي والعاطفي والشعور بالأمان والسعادة.
قديمًا يتزوج الرجل مبكرًا دون وظيفة يقتات منها؛ فوظيفته الزراعة ورعي الغنم. أما اليوم فالحال اختلف؛ فالوظيفة شرط أساسي لفتح بيت الزوجية.
يأتي من يقول: ليس شرطًا الوظيفة؛ فهناك من الأعمال الحرة ما هو أفضل من دخل الوظيفة، وكما يقال: تسعة أعشار الرزق في التجارة!!
نحن اليوم أمام ظاهرة عزوف الشباب، ذكورًا وإناثًا، عن الزواج، وتأخرهم لما بعد سن الثلاثين. وهذا خطأ يرتكبه الشاب في حق نفسه، مهما كانت المصاعب والعقبات، ويشاركه في هذا الخطأ البيئة الاجتماعية، النظم التعليمية والتربية المستدامة.
حينما يعجز الشاب عن تأمين تكاليف الزواج من جهة، وفتح بيت الزوجية من جهة أخرى؛ بسبب ضعف الدخل، وغلاء الأسعار؛ يقف هذا الشاب أمام هذه العقبات مستسلمًا، ويجلس خلفها نادمًا، ويركع لبعض قراراته ذليلاً، ويسجد لله داعيًا بأن يحقق له سبل العيش الرضي، دون مصاعب أو عقبات، رغم أننا نؤمن بأن الحياة لا تخلو من التعب.
هناك الكثير من دعاة الدين والعلم والمعرفة نادوا بضرورة اختصار سنوات مراحل التعليم العام، الجامعي، والعالي.. هذا الاختصار يساعد الشاب في عملية الالتحاق بالتدريب أو الوظيفة، ويستطيع بعدها فتح بيته، ويقي نفسه الفتن، الفواحش، العنوسة وعدم الاستقرار النفسي!!
هناك من الأسباب الأخرى ما يؤدي للميل إلى تأجيل الشباب الزواج، منها الجانب النفسي.. فالكثير منهم يرى المشاكل الزوجية داخل أسوار أسرته، أقاربه وجيرانه، بل يتعدى الأمر إلى أثر وسائل التواصل (الإعلام الذكي) في نفوس الشباب، ونقل صور سلبية لبعض المجتمعات؛ وهو ما كوَّن صورة فيها نوع من الضبابية والخوف الذي يقودهم للعزوف والتأجيل.
إذا تم تشخيص الحالة من جهات عدة يتضح لنا الخلل، ويستبين الخطأ، ويسهل العلاج.
هذا العلاج من الضرورة بمكان؛ فهو مجموعة من الأدوية، عندما تدمج في دواء واحد يكون الشفاء، وتكون البوصلة موحدة لاتجاه الخلل، ومعالجته بطريقة علمية ومدروسة.
هذا العلاج يبدأ بتقليص سنوات مراحل التعليم، وتغيير مناهج الدراسة، وتطوير طرقها، والقضاء على البطالة بتحقيق أدنى دخل للشاب؛ كي يستطيع فتح بيته، وتأمين أبسط متطلبات حياته الأسرية في بداية حياته العملية، من: تأمين سكن، كهرباء، ماء؛ حتى يستطيع أن يقف على رجليه، وفق ضوابط محددة واشتراطات مدروسة.
الأهم حينها تأهيل الذكور والإناث تأهيلاً أسريًّا، من خلال التربية: الجنسية، الأسرية، الاجتماعية، الترشيدية، الإرشادية، الصحية والثقافية.
كل ما سبق يوحي بأهمية تأهيل شبابنا للاستقرار النفسي، الأسري، المالي، الاجتماعي والثقافي؛ كي يكونوا لبنة صالحة في المجتمع، ونحقق من خلالهم أقصى درجات التميز.
وهذا سيخفف الكثير من الميزانيات المعتمدة للكثير من الحقول المعمول بها حاليًا، وتحويلها من مسكنات مؤقتة إلى علاج ناجع ودائم!!
من النصائح المخلدة: (أَغلِق الأبواب التي تؤذيك)!! هذا الإغلاق يُطبَّق على الشرور فقط!!