كيف تنجح الفِرق التطوعية؟
قبل فترة تلقيتُ استفسارات حول تكوين وإدارة الفِرق التطوعية في السعودية. وقد قمتُ سابقًا بتأسيس فريق تطوعي بنجاح باسم "بصمتنا التطوعي". وقد أظهر الفريق تأثيرًا إيجابيًّا على أعضائه والمستفيدين والداعمين.
تميَّز فريقنا، الذي بدأ باحتضان أصحاب الإعاقات، وتطور بمشاركة الأصحاء، بفاعليته المتزايدة.
يتسم هذا الجهد بالتنوع والتعاون؛ إذ يعكس التطوع مشاركة مشتركة لتحقيق تأثير إيجابي في المجتمع بلا تمييز.
في هذا المقال سأسلط الضوء على نقاط حيوية، يجب أخذها في الاعتبار كـخطوة في سبيل النجاح.
تعتبر الفِرق التطوعية من المكونات الأساسية التي تسهم في بناء مجتمع حيوي ومترابط.
في المملكة العربية السعودية شهدت ثقافة التطوع تطورًا ملحوظا على مَرّ السنوات، وأصبحت جزءًا لا يتجزأ من المسيرة التنموية.
ومن ضمن إنجازات السعودية في تطوير مجال التطوع أنه تم إنشاء منصة خاصة متكاملة للعمل التطوعي والمتطوعين، من مميزاتها أن الفريق التطوعي المسجل بها يستطيع الباحث عنه أن يراه، وأن يرى إنجازاته، ومن ثم تتاح الاستفادة من الفِرق بشكل أفضل وأكثر عملية. كذلك من خلال هذه المنصة تستطيع الجهات الداعمة المختلفة أن تنشر إعلانًا ما لحاجتها لفريق تطوعي في مجال أو آخر؛ فتكون هذه المنصة قد سهلت وصول المتطوع للفِرق، وسهلت وصول الفِرق للجهات الداعمة، والعكس كذلك.
في رحلة تأسيس الفريق التطوعي يتجه الانتباه بشكل أساسي نحو ضمان حقوق المتطوعين، وتوفير البيئة المناسبة لتفعيل دورهم بكل فاعلية.
إذا كنت تعمل تحت مظلة جمعية تطوعية أو أي جهة أخرى، فسيصبح تحقيق التوازن بين حقوق المتطوعين واحتياجات المشروع تحديًا مهمًّا.
وفيما يأتي نقاط أرى أنه يتوجب عليك كقائد للفريق الأخذ بها:
تأسيس فريق تطوعي في السعودية يستوجب على المؤسس أن يكون تحت مظلة لإحدى مؤسسات الحكومة أو المؤسسات التي أقرتها الحكومة، سواء كانت ربحية أو غير ربحية؛ لذا تكون الخطوة الأولى التي يتوجب القيام بها هي التعامل مع المؤسسة. وأقدم في ذلك لك نصائح عزيزة، هي: قبل مراسلة الجهة الرسمية على الفريق أن يكون مكتملاً، أو على الأقل جاهزًا للبدء؛ فلا يمكنك البدء بفريق تطوعي بدون فريق.
ثانيًا: يتعين عليك في المراسلة أن توضح الأهداف والرؤية والرسالة المراد تحقيقها من خلال الفريق.
يأتي هذا الضمان لتفادي الرفض أو سوء الفهم من الجهات المعنية. وحاول أن تسلط الضوء على الأفكار الإبداعية والامتيازات التي يحظى بها فريقك. وأشير كذلك إلى أهمية التفاصيل التنسيقية لضمان القبول.
ثالثًا: في مرحلة التأسيس يتعيَّن التشديد على الواجبات والحقوق للفريق والمتطوعين. يجب توفير بيئة مناسبة بعد الموافقة على بدء الشراكة. وكذلك التشديد على أهمية وجود عقد أو مذكرة تفاهم، تحدد الحقوق والالتزامات. يجب الاهتمام بالالتزامات المتعلقة بساعات العمل وتوثيقها للمتطوعين، مع التشديد على أن سلطة الفريق هي سلطة أخلاقية.
بهذا الشكل يكون من الممكن أن يحقق الفريق نتائج حسنة، ويمكنه أيضًا الاستفادة بشكل أمثل من شراكته مع المؤسسات.
* نصائح لرؤساء الفِرق التطوعية ومؤسسيها: سنحاول أن نشير ولو إشارات سريعة إلى بعض النصائح التي نرى -من واقع التجربة- أنه سيكون لها وقع جيد في نفوس المتطوعين:
- التواصل الفعال؛ إذ يجب أن يكون التواصل مفتوحًا وأريحيًّا بين إدارة الفريق وأعضائه.. ولا أحبذ الرسميات في الفِرق التطوعية.
- تأكد من دافع التطوع: حاول أن تتأكد من أن أعضاء الفريق ما انضموا إلى الفريق لمجرد جمع الساعات التطوعية ورصدها، أو لمجرد الحصول على الشهادات والخبرة، بل يجب أن يكون للفريق هَمٌّ في إيصال خبراتهم ومعلوماتهم للغير عبر الانضمام للفريق، إضافة للهَمِّ في تطوير النفس، وتوسيع دائرة العلاقات.
- تهيئة جو مرن في جدول الأعمال أو الجدول الزمني: يجب مراعاة أنه في الغالب لكل متطوع أعمال وارتباطات مختلفة، والفريق ليس كل شيء في حياته ويومه؛ فعلى هذا الأساس تكون المرونة عاملاً أساسيًّا للإنتاج.
ومما يتعلق بالمرونة في هذا المجال ألا تُحجر الأعمال على بعض المتطوعين وحسب، بل اجعل للعمل المتطوع والاثنين والثلاثة؛ فهذا سيساهم في مرونة العمل بالنسبة للمتطوعين.
- احترام الاختلافات الفكرية: إن من خير القواعد التي يجب على الإدارة الإيمان بها وتطبيقها هي "القيادة قد تصادر العمل ولا تصادر الرأي"؛ فيكون من حق أي فرد في الفريق أن يعتد برأيه، وأن يحتفظ به، حتى وإن لم يكن رأيه من رأي الأغلبية.
* لجعل الفريق التطوعي فعالاً ينبغي تحديد أهداف واضحة وملهمة، وتشجيع التفاعل والتوجيه نحو تحقيقها.
يتطلب الأمر توزيع المهام بشكل مناسب، وتعزيز تفاعل الفريق مع توفير الدعم المستمر.
يجب أيضًا تحفيز المتطوعين، وتوفير قنوات فعالة للتواصل، إضافة إلى تطوير المهارات، وتقييم دوري لتعزيز كفاءة الفريق.
وفي النهاية يجب تعزيز روح الفريق والعمل الجماعي؛ لتحقيق التأثير المجتمعي.
من المهم أيضًا على الإدارة متابعة تقييم الأداء، والاهتمام بالتقدير والشكر، وضمان الشفافية، وتعزيز الروح الجماعية.