"التأمين الطبي الوطني".. شكرًا لقيادتنا الرشيدة
بالأمس أعلن معالي وزير الصحة، المهندس فهد الجلاجل، حزمة واسعة من الأخبار "المفرحة"، خلال كلمة بملتقى الصحة العالمي، وفي مشاركته في الجلسة الحوارية على هامش المنتدى ذاته. الأخبار الرائعة التي أطلقها معالي الوزير ستُغيِّر معالم قطاع خدمات الرعاية الصحية، وتنقله إلى مربع متقدم وغير مسبوق، وهي تجسد الدعم والاهتمام الكبيرين، اللذين توليهما القيادة الرشيدة لصحة المواطنين، وتسخيرها الإمكانات كافة لتعزيز جودة وكفاءة تلك الخدمات سعيًا لتحقيق مستهدفات برنامج التحول الصحي، ورؤية السعودية 2030 الطموحة.
ومن أهم الأخبار التي أطلقها معالي الوزير بدء تطبيق منظومة التأمين الطبي الوطني في منتصف عام 2026م، الذي سينضوي تحت مظلته جميع المواطنين، ويتم تمويله من الدولة مباشرة. ومن مميزاته أنه يستمر مدى الحياة، ولا يتطلب تجديد الاشتراك السنوي، كما هو الحال في منظومات التأمين السائدة في الوقت الراهن، إضافة إلى أنه ليس له حد أو سقف، ولا يتطلب موافقات مسبقة؛ إذ يضمن التغطية الكاملة في كل الأحوال، وهذا يعني أن مصطلحات كـ"حد المنفعة، ونسبة التحمل، وتحديدات واستثناءات التغطية، وانتظار الموافقة".. وغيرها من المعيقات التي كانت تعطل تلقّي المواطنين الرعاية الصحية، ستصبح قريبًا من الماضي.
وأكثر من ذلك، يحرص التأمين الطبي الوطني على الوقاية من الأمراض، ويدفع باتجاه الصحة، وليس فقط باتجاه العلاج، ويضمن كذلك توفير الرعاية الصحية، وتأمين تكاليفها للأفراد والمجموعات، وحصول فئات المجتمع التي لا تستطيع تحمُّل التكاليف على الرعاية الصحية، وإدارة موارد التأمين الصحي المالية بشكل يضمن استمراره للأجيال القادمة، إضافة إلى أنه سيتكامل مع التأمين الخاص والتأمين التعاوني، الذي تشرف عليه الآن "هيئة التأمين".
وهذه الخطوات تأكيدٌ على اهتمام والد الجميع خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز، وسمو ولي العهد صاحب السمو الملكي الأمير محمد بن سلمان آل سعود –حفظهما الله-، بصحة المواطنين والمقيمين، وامتدادٌ للكثير من الخطوات والقرارات المهمة في هذا السياق، كقرار تقديم الرعاية الصحية مجانًا لمخالفي أنظمة الإقامة والعمل وأمن الحدود المصابين بفيروس "كورونا"، أو المشتبه في إصابتهم به، في المستشفيات والمراكز الطبية الحكومية والخاصة، دون أي تبعات قانونية، واتخاذ الإجراءات الاحترازية بما يضمن الأمن الصحي للمملكة ومواطنيها، والمقيمين بها.
وكذلك التوسع في بناء المستشفيات والعمل على تطوير خدمات الرعاية الصحية، بتوفير فرص التدريب والتأهيل للكوادر الطبية، ومواكبة مستجدات التكنولوجيا الطبية، وزيادة الإنفاق على القطاع الطبي، وتهيئة بيئة جاذبة للقطاع الخاص للاستثمار فيه، وصولاً إلى وضع خطط شاملة لتحسين الرعاية الصحية؛ لتحقيق نظام صحي مستدام على مستوى عالمي، وهي الخطط التي نعايش بفخر نتائجها المبهرة الآن، وغيرها من الشواهد التي لا يمكن حصرها في هذا المقال.
ومع هذا التحول المفصلي الكبير الذي يمضي نحوه قطاع الرعاية الصحية في السعودية سيشهد الاستثمار الخاص في هذا القطاع الحيوي انتعاشًا وازدهارًا مع الطلب المتزايد على خدمات الرعاية الصحية الناتج عن النمو السكاني المستمر، وارتفاع الوعي الصحي، إضافة إلى ازدياد معدلات المترددين إلى السعودية بقصد السياحة العلاجية من دول الجوار الإقليمي، مع التطور المتسارع الذي تشهده خدمات الرعاية الصحية فيها. كما أن معالي الوزير نفسه أكد هذه الحقيقة عندما قال إن هذا القطاع يحمل فرصًا واعدة للاستثمار، يصل إجماليها إلى 330 مليار ريال حتى عام 2030.
وتوقع معاليه زيادة حجم مساهمة القطاع الصحي في الناتج المحلي من " 199" مليارًا إلى "318" مليار ريال في عام 2030، وستكون مساهمة القطاع الخاص منه 145 مليار ريال؛ وهو ما يبرز الدور المحوري للتكامل والشراكة مع القطاع الخاص في المرحلة القادمة.. مشيرًا إلى ارتفاع متوسط نسبة تغطية الخدمات الصحية للمناطق إلى قرابة 94%.
كما أن إعلان إطلاق المركز السعودي للعلاج بالبروتون، كأول مركز من نوعه في المنطقة، خطوة مهمة، وتأكيد لريادة السعودية؛ فهذه تقنية علاجية متقدمة جدًّا وواعدة.. وقد بيَّنت الدراسات العلمية فاعلية البروتون في علاج أورام الأطفال والعين وقاع الدماغ وأورام البروستات والأورام القريبة من الأعضاء الحساسة للأشعة، كما أن للعلاج بالبروتون فائدة لا تضاهى في علاج الأورام الكبيرة الملاصقة أو الملتفة حول أعضاء الجسم الحساسة. ولا شك أن هذا المركز سيسهم في تعزيز السياحة العلاجية، ويرفع من أعداد قاصدي السعودية بحثًا عن العلاج.
إن هذه النجاحات الكثيرة التي تحدَّث عنها معالي وزير الصحة هي ثمار برنامج التحول الصحي، ورؤية 2030 الطموحة، التي أينعت وتدلت بفضل الجهود المخلصة لوزارة الصحة والقطاعات الأخرى ذات الصلة، ودعم وتوجيهات القيادة -حفظها الله-، وآن لنا أن نستمتع بهذه النِّعَم حامدين الله عليها، وسائلين المولى -عز وجل- أن يحفظ بلادنا، ويديم عليها الأمن والأمان، والصحة والرفاهية تحت ظل قيادة خادم الحرمين الشريفين وحكومته الرشيدة.