محرابك قد يكون مكتبك

تم النشر في

كثير منا اعتاد يربط كلمة “العبادة” بالمسجد أو بالصلاة والصوم، لكن الحقيقة أوسع من كذا بكثير. العبادة ما هي محصورة في طقوس معينة، بل تمتد لكل تفاصيل حياتنا اليومية إذا صاحبها الإخلاص وحسن النية. تخيّل أن مكتبك، أو محلك التجاري، أو حتى ورشتك الصغيرة ممكن يكون “محراب” ترفع فيه أعمالك للسماء كما يُرفع الدعاء، ويكتب لك أجر العابدين وأنت بين الناس.

العمل ما هو مجرد مصدر رزق، هو رسالة وامتحان. اللي يتقن شغله ينال رضا الله أولاً قبل ما يقطف ثمار جهده في الدنيا، واللي يهمل أو يستهتر يخسر رسالته قبل ما يخسر راتبه. اليد اللي تكد وتشتغل بصدق هي اليد اللي يحبها الله ورسوله، وهي اليد اللي يرفع لها المجتمع احترامه مهما كان نوع العمل.

نعيش اليوم في زمن سريع، الكل يركض وراء الفرص، والمنافسة عالية، والضغوط أكبر من أي وقت مضى. ومع ذلك، تظل قيمة العمل مرتبطة بالإخلاص. الموظف اللي يجلس على مكتبه ساعات وينجز بضمير، والعامل اللي يعرق في ورشته، والمعلم اللي يتعب مع طلابه هذي صور لعبادة حقيقية لو عرفنا كيف ننويها.

“العمل عبادة” مو مجرد جملة تتكرر، هي فلسفة حياة. هي دعوة عشان نفهم إن الرزق ما هو بس أكل وشرب، الرزق كمان أثر وسمعة طيبة وذكر جميل. وكل ساعة نقضيها في عملنا بإخلاص، هي لبنة في بناء وطن، وخطوة في طريق رضا رب العالمين.

فلا تستصغر شغلك ولا تستهين بمهنتك، مهما كانت بسيطة أو كبيرة. لأن محرابك قد يكون مكتبك، ورسالتك الحقيقية تبدأ من إتقانك فيما بين يديك.

صحيفة سبق الالكترونية
sabq.org