المملكة العربية السعودية تشهد تطورًا ملحوظًا في مختلف المجالات الثقافية والاجتماعية.. ومن أبرز هذه التطورات الاهتمام بالثقافة والتراث.
ومع إطلاق رؤية 2030 بات التراث الثقافي والاعتزاز به جزءًا أساسيًّا من الهوية الوطنية، ومصدر فخر للمجتمع السعودي.
المتاحف، باعتبارها مستودعًا لهذا التراث، لها دور رئيسي في إبراز تاريخ السعودية وثقافتها الغنية، إلا أن السؤال الذي يطرح نفسه: أين المؤثرون والإعلام من متاحفنا في السعودية؟
المتاحف في السعودية تحتوي على كنوز من التراث السعودي والإسلامي، وتمتد عبر تاريخ طويل، يمتد لآلاف السنين.
هناك متاحف تعرض الحضارات القديمة التي عاشت على أرض الجزيرة العربية، وأخرى تقدم تفاصيل عن التراث الإسلامي والتاريخ الحديث للمملكة.
ومن أبرز المتاحف: المتحف الوطني في الرياض، الذي يقدم عرضًا شاملاً لتاريخ السعودية. ومتحف الطيبات في جدة، الذي يجمع بين التراث والثقافة الإسلامية والحديثة.
وعلى الرغم من هذه الثروة الثقافية يظل الحضور الإعلامي والترويجي للمتاحف أقل من المتوقع.
ومع أن السعودية استثمرت في تطوير البنية التحتية للمتاحف، وافتتاح متاحف جديدة، يبقى دور الإعلام والمؤثرين محدودًا في تسليط الضوء على هذه الكنوز.
في عصر التواصل الاجتماعي أصبح للمؤثرين دور محوري في نقل الأفكار والمفاهيم للجمهور، خاصة لدى الأجيال الشابة.
المؤثرون يمتلكون القدرة على جذب الجمهور، وإشراكه في المحتوى الثقافي بطرق إبداعية وجذابة.. ومع ذلك، نلاحظ غيابًا واضحًا في مشاركتهم في الترويج للمتاحف والأنشطة الثقافية بالسعودية.
بإمكان المؤثرين السعوديين والإقليميين تقديم محتوى إبداعي عن المتاحف، سواء من خلال زيارات مباشرة، أو عبر إنشاء محتوى يروي قصصًا مرتبطة بالتراث.
زيارات المؤثرين للمتاحف وتغطيتهم لهذه الفعاليات يمكن أن تعزز اهتمام الشباب بتراث بلادهم، وتساعد في جعل زيارة المتاحف جزءًا من التجربة الترفيهية والثقافية.
في الإعلام يمكن القول إن هناك أسبابًا عدة وراء قلة الاهتمام الإعلامي والمؤثرين بالمتاحف في السعودية:
1. نقص التنسيق بين المتاحف والمؤثرين: قد لا يكون هناك تعاون مُنظَّم بين الجهات المشرفة على المتاحف والمؤثرين لتشجيعهم على زيارتها والترويج لها.
2. التوجهات الإعلامية: غالبًا ما يكون التركيز الإعلامي في السعودية موجهًا نحو الأخبار السياسية أو الاقتصادية أو الرياضية، بينما تأخذ المواضيع الثقافية والتراثية حيزًا أقل.
3. نقص في الوعي العام: قد تكون قلة المعرفة العامة بأهمية المتاحف وقيمتها الثقافية عاملاً آخر وراء عدم تسليط الضوء عليها من قِبل الإعلام والمؤثرين.
4. عدم استغلال وسائل التواصل الاجتماعي بالشكل الكافي: على الرغم من الشعبية الكبيرة لوسائل التواصل الاجتماعي في السعودية إلا أن الترويج الثقافي عبر هذه المنصات لا يزال محدودًا مقارنة بمحتوى آخر، مثل الموضة أو الرياضة.
لتعزيز حضور المتاحف في الإعلام وبين المؤثرين يمكن تبنِّي عدد من الخطوات التي من شأنها تسليط الضوء بشكل أكبر على التراث الثقافي في السعودية:
1. التعاون بين المتاحف والمؤثرين: إنشاء حملات إعلامية بالتعاون مع المؤثرين؛ لزيارة المتاحف، وتقديم محتوى جذاب، يعكس جمال التراث وتنوعه.
ويمكن تنظيم فعاليات خاصة بالمؤثرين؛ لتحفيزهم على المشاركة والتفاعل.
2. تنظيم فعاليات مشتركة: يمكن للمتاحف أن تنظم فعاليات أو معارض مخصصة للمؤثرين والإعلاميين، يتم فيها تقديم تجارب حصرية، تعزز من تفاعل الجمهور مع المتحف.
3. استغلال الإعلام الرقمي: إنتاج برامج رقمية أو فيديوهات قصيرة، تُعرض على منصات التواصل الاجتماعي، تركز على المتاحف وتاريخها، وتجعل من زيارة المتاحف تجربة ممتعة وتعليمية.
4. تشجيع السياحة الثقافية: يمكن للإعلام الترويجي للمتاحف أن يلعب دورًا محوريًّا في تعزيز السياحة الثقافية في السعودية؛ فمن خلال تسليط الضوء على المتاحف كوجهات سياحية يمكن جذب الزوار من داخل السعودية وخارجها؛ ما يعزز الاقتصاد المحلي، ويزيد من الوعي الثقافي.
المتاحف في السعودية هي جزء لا يتجزأ من الهوية الثقافية للمملكة، وتستحق أن تكون في دائرة الضوء الإعلامي والترويجي.
ومع الدور المتنامي للمؤثرين ووسائل التواصل الاجتماعي حان الوقت لتعزيز الشراكة بين المتاحف والإعلام والمؤثرين؛ لتقديم التراث الثقافي بطريقة حديثة وجذابة.
هذه المتاحف ليست مجرد أماكن لحفظ التراث، بل هي نافذة على تاريخ وحضارة السعودية؛ تستحق أن يتم استكشافها وتقديرها على نطاق أوسع.